نحتاجُ أن نقف مع أنفسنا يومياً في خلوات روحية لنسمعَ صوت الله فينا، فأصوات العالم من حولنا كثيرة وفيها الكثيرمن الضوضاء والضجيج التي قد تحرمنا من سماع صوت الله في داخلنا والذي نحتاج أن نسمعه ليحييَ فينا قوة الروح وينير فينا قوة العقل ويرشدنا في إتخاذ القرارات الصائبة في حياتنا.
فسماع صوت الله ضرورياً لتكون حياتُنا بالكامل كلُّها بمثابة حياة تسبيح لإسمه القدّوس. فنحن مدعوون على الدوام لأن نسبّحَ اسم الله القدوس، مع أن لا ينقصُهُ مجداً أو تسبيحاً من أحد، ولكنّ حياتَنا التي وهبنا الله إياها يجب أن تنطق هي بدورها على الدوام بتسبيحه في كل الأعمال التي نقوم بها، فأي عمل نقوم علينا أن نحرص أن يكون فيه تسبيح لإسم الله أي ينطق بما يليق بإسمه القدوس.
وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتقنا بأن تكون حياتنا ناطقة بمجد الله وبتسبيحه، فلا يجب أن نقصّرَ في أعمالنا أو في مسؤولياتنا الموكلة إلينا، لأنها بالدرجة الأولى هي تنطق بمجد الله وبعظمته وبتسبيحه قبل أن يكون هدفنا إرضاء مسؤولينا أو تتميماً لواجباتنا. فمعرفتنا لهذه الحقيقة تجعلنا أن نعمل من القلب كما للرب وليس كما للناس. فالناس لا تنتظر منا إلا ما يرضيها وما يلبّي رغباتها حتى ولو تستقم مع القيم والمبادئ والقوانين. فغايتنا الأولى في الحياة يجب أن تكون إرضاء الله لا إرضاء البشر، وإن كانت رسالتنا هي خدمة البشر بكل السبل والوسائل الممكنة، من غير أن نسمح لحياتنا أن تنزلق إلى مسالك الشر والفساد والمحاباة والمعايير المزدوجة.
لذلك، فكل عملٍ أو خدمةٍ نقدمُّها بأمانة هي ترنيمةُ حمدٍ وتسبيحٍ لإسم الله القدوس، وعالمنا ينقصه الكثير ممن يؤدون مثل هذه الأمانة ليستقيم وينمو ويتطور. وهذا هو لبُّ إيماننا وأدياننا السماوية أننا مدعوون أن نُسّرَ قلب الله ونجعل إسمه مباركاً حتى ولو اضطررنا أن نَسبَحَ عكس تيار العالم وأفكاره وتعاليمه. فحياتنا الأرضية تحمل نسمة الإله فينا الذي يدعونا لنعمل لأن يأتي ملكوت الله على الأرض ويسود بيننا العدل والبر والحق.