الكل يعلم أن الكمال لله وحده ، وأن الإنسان في هذه الحياة قد يكون ظالماً أو مظلوماً ، وطبيعة النفس البشرية تعتبر أن الظلم إنتصار لها وأن المظلوم يستحق ما جرى له ، وأحياناً يصاحب هذا الظلم فرح ما بعده فرح ، وعندما تذهب الغفلة وتأتي الفكرة ويتذكر الإنسان أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب يندم أشد الندم ويقع في حزن شديد ما بعده حزن ولسان حاله يقول ماذا فعلت بنفسي أمعقول أنني من الذين يهلكون أنفسهم بأيديهم ، والله إنه الغرور وإنه هوى النفس وشيطانها من جمل لي الظلم وجعلني من الظالمين ، ومما يخفف عن النفس قليلاً أن الظالم يتذكر أنه قد ظلم أيضاً في حياته ، وهنا يبدأ الصراع الشديد ولسان حاله يقول أتمنى أن أكون مظلوماً أكثر من كوني ظالماً في هذه الحياة ويبدأ بحساب الأرباح والخسائر ففي حالة أنه ظالم هذه خسائر للحسنات وفي حالة أنه مظلوم هذه أرباح في الحسنات ، وبقدر ما فرح الظالم بظلمه ينقلب فرحه إلى حزن وأكثر وبقدر ما حزن المظلوم من الظلم ينقلب حزنه إلى فرح وأكثر ، وهذا والله هو في يوم الحساب ، فهنيئاً لمن غلبت حسناته سيئاته وخاب وخسر من غلبت سيئاته حسناته ، والعبرة لمن إعتبر .