كلّما سمعتُ عن "عيشة الكلاب" وقفتُ على رأسي كي أفهم ما المقصود بهذه العيشة؟ بالتأكيد أن قائلها يريد ذمّ العيشة؛ يريد أن يقول بلسانٍ لا يقبل التطعيجَ والتخزيقَ: عيشتك زفت وأزفت من الزفت ولا تقبلها الكلاب..!
هذا دعاني إلى مراقبة كلّ كلاب حارتنا الذين يشكّلون قطيعًا هائلًا وكل يوم يسرحون ويمرحون حولي وحول حولي حتى أنهم أصابوني بالحول لشدّة ما يمارسون من حريّة.. نعم حرية حركة وركض ونباح .. حرية تغيير اتجاهات.. يفعلون ما يحلو لهم.. لقد رأيتهم بنفسي يتسامرون.. ورأيتهم يشكّلون وحدة بعد أن يتفرّقوا بقليل.. ورأيتهم يأكلون ولا يأبهون بعتمة وليل ولا بضوء وكهرباء؛ حتى إنهم لا يعرفون أي نوع من أنواع الفواتير؛ تخيّلوا: الكلاب لا تعرف الفواتير..!
عيشة الكلاب التي نذمّها ليل نهار؛ اعتقد لو أن الله أعطاني فهم لغة الكلاب لفهمتُ كثيرًا من نباحهم وعوائهم عندما يقول أحدهم للآخر بغضب: عو عووو عوووووووو (أي بعدين مع هذه العيشة؟!) فيردّ عليه الكلب الآخر بتهديد ومن أجل أخذ العبرة: عو عووو عووووووووووو عو عوووووووه ( أي أقعد ساكت واتعظ من عيشة الانسان..!).