وصلتُ إلى قناعة أن عقوبات جرائم وجنح المخدرات بمختلف أنواعها غير رادعة وهذا لمسته من كمية الأشخاص الذين عرفتهم معرفة مباشرة أو غير مباشرة.. جميعهم لم يتركوا الأمر ولم يهجروه.. جميعهم لديهم خلل واضح في المفاهيم والتعاطي مع المجتمع.
علينا الاعتراف بداية ووسطًا ونهايةً أن المخدرات صارت رعبًا حقيقيًّا لدينا فهي منتشرة بين الشباب الجديد بطريقة لا يمكن انكارها .. ولا أعتقد بأن هذا الأمر بحاجة إلى نقاش والدليل الأرقام السنوية أو محيطك الذي تعيش فيه.
أما ما يجب الوقوف عنده و تسخير كل الطاقات الاجتماعية والنفسية له فهو: لماذا يقبل الشباب على تعاطي المخدرات؟ دعكم من رفاق السوء فهذا صحيح..ودعكم من التفكك الأسري فهذا أيضًا صحيح..ودعكم من البطالة ومن الطرق المسدودة والأحلام المقتولة و الفراغات التي بلا نهاية ..فكلها صحيحة..
قناعتي والتي لا تنفكّ عن الأسباب السابقة هي طريقة تفكير الشباب .. نحن أمام جيل قوانينه الباطنية غير قوانينه الظاهرية.. جيل يفسّر الأشياء غير تفسيرنا لها.. جيل يحاكمنا ويديننا وهو صامت وماضٍ في طريقه.. لذا فهو يحمل أفكارًا غير مكتملة يسعى كل شاب من خلالها أن يصبح كيانًا فريدًا مع اعترافه الداخلي بعقد النقص التي تسكنه ويحاول التغلب عليها أو الهروب منها في التعاطي أو للثراء السريع..!
يا سادة: لا أطالب بوقف العقوبات ولكن أطالب بفتح الملف على مصراعيه وبشفافية وجرأة وإخراج المسكوت عنه لنعيد للجيل المفاهيم الصحيحة ولا نتركهم صرعى أحلامهم المقتولة والعضلات المفتولة وتوسيع الهوّة بيننا وبينهم.. الشباب ضحيتنا لأننا لم نحسن كعقل جمعي احتواءهم أو إخراجهم من عقدهم وتفكيكها لينخرطوا معنا على سويّةٍ صحيحة..!
يا سادة: نحن الفاعلون وهم ضحايانا.. تعالوا نحاول أن نكفِّر عن بعض ذنوبنا كي لا نموت على أيديهم على الأقل..!