كنت أقعد على مسافة قصيرة جدا من شاشة التلفزيون ومباشرة على البلاط عندما نحصر مسلسلات صح النوم وملح سكر، كأنني أرغب الدخول إلى القاووش مع "أبو عنتر" وغوار كي أشاركهم عبث الحياة ودراما البساطة العميقة، رغم صغرنا كان ذياب مشهور مطربهم يسحرنا صوته الفراتي الحزين.. حتى ملامحه كانت تبدو حزينه وليس لحنه وصوته فقط.
كنا من خلال الراديو نحفظ كما أهلنا أغنيات بلبل دير الزور.. ويلي منك ياطيارة... عالمايه عالعيون ياملايه... يا ابو أردين يا ابو ردانه وشقلنالك ياداد زعلانه... فرحت عندما فصّلوا لي مازاد من قماش أول شرش "ثوب" بنصف أكمام حينما قالت لي الخياطة مبروك هيك لبست شرش ابو أردين...ياسلام سلم... ماأحلاه.. هذا الشرش اللي بالغناوه.
اليوم رحل ذياب مشهور الذي لا ينفصل عن الذاكرة والأيام الحلوة البريئة حيث كان قريبا بشماغه الملتف حول كتفيه وبسمته التي لا تفارق ملامحه ومظهره غير المكلف.... من من صبايا ذاك الزمن ومراهقاته لم يخطر في بالها وهي تقف تكتحل أمام المرآة.. يا ويل ويلي عيونها.. عيون المها يا عيونها.. وإن ذبلتلي جفونها.. تهتز مني الحنايا.... رحمك الله يا ذياب مشهور ورحم ذاك الزمن الجميل.. لقد أحسست وأنا اقرأ خبر رحيله وكأن شخصا يخصني رحل...