تصدر هجوم القرم عناوين أبرز الصحف العالمية الصادرة، الأحد، التي وصفت الحادث بأنه اعتداء مباشر على سلطة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كما تحدثت تقارير عن مخاوف أوكرانية حيال خطر الرد الروسي على الحادث الذي استهدف جسر "كيرتش" بشبه جزيرة القرم السبت.
ضربة لسلطة بوتين
رأت صحيفة "التايمز" البريطانية أن "الهجوم الجريء الذي وقع فجر السبت، على الجسر الذي يربط بين شبه جزيرة القرم وروسيا، اعتداءٌ مباشرٌ على سلطة الرئيس، فلاديمير بوتين، وأن خسارة المنطقة يمكن أن تقضي على حياة الزعيم الروسي السياسية.
وقالت الصحيفة إن "الهجوم على الجسر الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص يوجه تحذيرًا شديد اللهجة ويشير إلى أن شبه جزيرة القرم قد تكون التالية على أجندة أوكرانيا لاستعادتها على غرار المناطق التي استعادتها من قبضة روسيا في الأيام الأخيرة".
وتحت عنوان "تخريب أم إرهاب داخلي"، ذكرت أنه "على الرغم من أن كييف لم تعلن رسميًّا مسؤوليتها عن التفجير، ألقى رئيس برلمان القرم فلاديمير كونستانتينوف باللوم في التفجيرات على المخربين الأوكرانيين، الذين تمكنوا أخيرًا من مد أيديهم الملطخة بالدماء إلى جسر القرم".
وأفادت بأنه "إذا كان هجومًا أوكرانيًّا، فهذا مثال آخر على قدرة كييف على تحدي التوقعات، إذ كان الجسر محميًّا بدفاعات متعددة الطبقات كان من المفترض أن تجعل أي عملية من هذا القبيل مستحيلة. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الشاحنة المفخخة التي أستخدمت في الهجوم كانت مسجلة في جنوب روسيا وتم نقلها منها، هناك تكهنات بأن هذا كان عملًا إرهابيًّا ارتكبه نشطاء مناهضون للكرملين في الداخل. يشير الهجوم أيضًا إلى فشل جهاز الأمن الفدرالي".
وتابعت "يرمز الجسر إلى إعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع روسيا. وربما لم يتم تدميره في الحادث، لكن بوتين لطالما روج لإنجازاته عند افتتاحه للجسر في 2018، إذ كان يقود الشاحنة الأولى على الطريق عندما تم فتحه. بالتالي فهذه ضربة ليس فقط للكرامة الوطنية الروسية، ولكن أيضًا بشكل خاص لبوتين".
وأشارت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إلى أن الأضرار التي لحقت بجسر القرم تعد "إذلالًا كبيرًا" للزعيم الروسي، إذ أثار الانفجار مجموعة من الدعوات لـ"الانتقام الوحشي" ضد أوكرانيا بين الشخصيات العامة الروسية المؤيدة لبوتين.
وأوضحت أن هذه الدعوات تزيد من الضغط السياسي على بوتين، الذي قال في سبتمبر الماضي إن موسكو مستعدة لاستخدام "جميع الوسائل المتاحة" لحماية البلاد وشعبها "إذا تعرضت بلادنا للتهديد"؛ ما أثار تكهنات بين مؤيدي أوكرانيا الغربيين حول احتمال نشر أسلحة نووية تكتيكية.
ونقلت الصحيفة عن سيرجي ماركوف، وهو سياسي مرتبط بالكرملين وعضو برلماني سابق من "حزب روسيا الموحدة" الحاكم، قوله إن "الهجوم الإرهابي" على جسر كيرتش دليل على أن "الولايات المتحدة ونظامها الأوكراني الوكيل سيحركان الخط الأحمر إلى أبعد من ذلك".
ولفتت إلى أن "الأضرار التي لحقت بالجسر لا تمثل مشكلة لإمدادات روسيا من القوة البشرية والأسلحة لوحداتها جنوب أوكرانيا، لكن الهجوم يمثل إذلالًا خطيرًا لبوتين شخصيًّا، بعد أن وقع في الصباح الذي تلا الاحتفال بعيد ميلاده الـ70، وكان الانفجار أيضًا صفعة على وجه الدعاة في وسائل الإعلام الروسية التي تسيطر عليها الدولة، الذين استخدموا الجسر بانتظام كرمز لضم روسيا الناجح للأراضي الأوكرانية".
خطورة الرد
حذر مسؤول أوكراني من أن خطر تصعيد الرئيس الروسي للحرب بات في أعلى مستوياته بعد انفجار جسر القرم، داعيًا الغرب إلى ضرورة زيادة إمدادات الأسلحة إلى كييف بشكل كبير لمواجهة التهديد الجديد.
وقال أنطون جيراتشينكو، مستشار وزير الداخلية الأوكراني، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية إن "الوضع في أوكرانيا يمكن أن يتصاعد الآن، واحتمال التصعيد من جانب بوتين مرتفع. نطلب المزيد من الأسلحة. لا نطلب القتال من أجلنا، نحتاج إلى ثلاثة أضعاف عدد أنظمة هيمارس والمدفعية، وخمس مرات أكثر من الدبابات والعربات المدرعة، بما في ذلك الدبابات التي تنتجها دول الناتو. وأولًا وقبل كل شيء، 10 أضعاف المركبات".
ووفقًا للمجلة، وجه المسؤول الأوكراني حديثه للغرب قائلًا "يجب ألا تنتظر حكوماتكم وتحتفظ بجميع الأسلحة والذخيرة والمركبات في المستودعات. أرسلوها كلها إلى أوكرانيا حتى نتمكن من إنهاء الحرب".
ونقلت عن آدم كينزينغر، عضو الكونغرس الأمريكي، قوله إن "تأثير الانفجار على الحرب سيكون دراماتيكيًّا. يبدو من الصعب المبالغة في تقدير مدى أهمية وتدمير جسر كيرتش للجهود الحربية الروسية".
وأصبحت شبه جزيرة القرم، موطن الأسطول الروسي في البحر الأسود، محورًا للجهود الحربية الأوكرانية حيث تضغط قواتها جنوبًا، لا سيما في خيرسون، حيث تم الاستيلاء على عشرات القرى في الأيام الأخيرة. وهاجمت كييف عدة أهداف بارزة في شبه جزيرة القرم بالأشهر الأخيرة، حيث ضربت قاعدة جوية روسية رئيسة في ساكي.
جنرال سيئ السمعة
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن "روسيا عينت جنرالاً سيئ السمعة لقيادة هجوم أوكرانيا، وذلك تزامنًا مع الانفجارات التي شهدها جسر كيرتش في شبه جزيرة القرم، وعينت روسيا سيرجي سوروفكين، وهو جنرال سيئ السمعة أطلق النار على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في التسعينيات، كأول قائد عام لها للحرب في أوكرانيا، حيث يكافح الكرملين لوقف هجوم مضاد أوكراني ترك قواته في حالة من الفوضى."
وأضافت "جاء تعيين سوروفكين في اليوم ذاته الذي تعرض فيه بوتين لضربة مذلة بعد أن أدى انفجار على جسر القرم إلى غرق جزء من الطريق السريع في مضيق كيرتش وتسبب في حريق كبير في السكك الحديدية، سوروفكين هو قائد مخضرم قاد الحملة العسكرية الروسية في سوريا 2017، حيث اتُهم باستخدام تكتيكات مثيرة للجدل بما في ذلك القصف العشوائي، ويعد تعيينه هو الأول لقائد عام لميدان المعركة للقوات الروسية في أوكرانيا. قد يشير ذلك إلى أن موسكو تدرك الآن أن جيشها في خطر الانهيار، مع تقدم قوات كييف في المناطق الأربع جميعها التي يدّعي بوتين ضمّها إلى روسيا".
وأكدت أنه "ينظر إلى سوروفكين على أنه القائد العسكري الذي حسّن فاعلية القوات الروسية التي تقاتل في شرق أوكرانيا، حيث ابتليت قوة الغزو الروسية بضعف الاتصال والتعاون. ومع ذلك، فإن للجنرال أيضًا تاريخًا متقلبًا يتضمن فترتين في السجن بزعم بيع أسلحة خلال انقلاب عام 1991. كما عمل سابقًا في طاجيكستان والشيشان".