تمرُ في حياتنا بالعديد من المواقف المؤلمة أو الضاغطة أو المفاجئة وهو أمر طبيعي، لكن الأهم من ذلك كيف تستجمع نفسك وقواك بعد كل موقف تمر به؟ وهل لديك القدرة على المقاومة؟ وخاصة بعد مواجهة وخوض بعض التجارب السلبية والمؤلمة.
لذا تعتبر المرونة الانفعالية بانها نظام دينامي يعمل على تعزيز القدرة على الصمود والتعافي من التهديدات والتوترات التي تواجه الفرد وتهدد استقراره، واذا أتقنه الفرد سيوصله الى إيمان قوي بالذات وثقه كبيرة بالقدرات، وتمكنه من التوافق والتأقلم الإيجابي مع ظروف الحياة، وتعرف أيضا بانها طريقة تمكن الفرد من ادراك المواقف والظروف التي يمر بها بأنها "مؤقتة” وتمكنه من إظهار تكيف سلوكي معين عندما يواجه مواقف صادمة أو مأساوية أو ضاغطة، ان هذا النظام يتكون من مجموعة من الصفات والمهارات والسمات التي تمكن الافراد من التكيف إيجابيا واتخاذ إجراءات فعاله تجاه مواقف الاجهاد المختلفة.
عندما تتحلى بالمرونة الانفعالية، فإنك لا تتكيف فقط مع التوتر وخيبات الأمل التي تعترض طريقك فقط، بل ستتطور لديك البصيرة ايضاً في التعامل مع مثل هذه المواقف لاحقا؛ لأنها بنت فيك الوعي الذاتي والثقة بالنفس وبالإمكانات، انها تساعدك على ضبط مشاعرك، ويصبح ادراكك للعالم أعمق من خلال اكتساب فهم حقيقي لكيفية تأثير المشاعر على انفعالاتك.
واستناداً لما تقدم تعزز المرونة الانفعالية لديك المثابرة من أجل المحاولة مرة وأخرى لتحقيق اهدافك وبناءها بالشكل الذي تراه مناسبا، وتجعل تفكيرك أكثر إيجابية مما يخلق توازنا واضحاً على الصعيد النفسي والمهني والشخصي المتمثل بعلاقات اجتماعية اقوى، وانفتاحا واضحاً على بناء علاقات أخرى.
وتحقيقُ جميع هذه المنافع تخلقُ منك انساناً أقل عرضة للإرهاق والإجهاد والتوتر، وبالتالي أكثر توازنا وتكيفا وسعادة.
ويجدر الإشارة الى ان المرونة الانفعالية تتكون من ثلاث ركائز مهمة وهي العنصر الفيزيائي الذي يتكون من القوة البدنية والطاقة والصحة الجيدة، والعنصر النفسي الذي يتمثل بالانتباه والتركيز والقدرة على التكيف، واحترام الذات، والثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن الذات، بالإضافة الى عمليات التفكير، والعنصر الاجتماعي الذي يشتمل على علاقاتنا الشخصية وعمليات التواصل المختلفة.
وإستناداً لما تقدم يمكنك تعزيز المرونة الانفعالية لديك من خلال اخضاعها للتطوير والتدريب، ويعتبر الوعي بالأفكار من أولى الخطوات التي تساعد على ذلك، من خلال ملاحظة أثرها الكبير على الانفعالات والسلوك، خاصة الأفكار السلبية وضرورة الوعي بطريقة التفكير هذه التي تتبناها في حياتك، ان ذلك يجعلك أكثر قدرة على التعامل مع المحن بشكل فعال، ويعتبر تقبل الذات من الأساليب المهمة أيضا التي تساعدك على ان تكون أكثر تعاطفًا واحترامًا لنفسك بالتالي تمكنك من احداث الكثير من الاختلاف، وتعتبر من أنجح استراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي لبناء المرونة.
ان العمل على تنمية مهاراتك الحياتية والاجتماعية والشخصية سيخلق توازنا واضحا في حياتك، لذا انتبه وراجع اهدافك دائما، وحاول مواجهة مشكلاتك بدلا من الهروب منها، انها وسيلة جيده ومهمه لفهم نفسك اكثر، ونقاط ضعفك، وجوانب القصور فهي فرصة لان تحسن وتطور وترتقي، فتعلَم ان تكون ذكيا في اختيارك لأهدافك فتكون واضحة محددة، قابلة للقياس لتستطيع تتبع تقدمك، وان يكون هدفك واقعياً تستطيع تحقيقه وذو صلة بقيمك وأحلامك وطموحاتك واولوياتك في الحياة.
وان يكون هدفك أيضاً ذكياً يعني إنك ستكون أقل عرضة للإحباط او للتوتر والقلق فيما بعد، وحاول دائماً ان تقدر ما لديك بدلاً من الشكوى والتشديد على ما لا تملكه أو ما فقدته، ان الامتنان هو أحد أقوى المشاعر التي يمكننا تنميتها، ان يكون لديك مفكرة خاصة تعتبر بمثابة تذكير لطيف بكل هذه الأشياء الجيدة التي نمتلكها.
وخلاصة القول إن تنمية هذه المهارات في حياتك بلا شك سيرفع مستوى المرونة لديك، ويعزز من جودة حياتك ومن قدرتك في مواجهة الحياة واعتبارها تحديات وفرص للنمو والتطور
لذا فلا تتردد ابداً إذا شعرت بأن لديك عجزُ في بعض جوانب شخصيتك فالاعتراف بها نقطة قوة وما عليك إلا النهوض والانطلاق .