الحويطات بشكل عام يعتقدون أن الأمهات يجسدن التاريخ والقيم والأخلاق والثقافة، ولديهم المثل الذي يقول: "إذا أردت أن تعرف حضارة قوم حاول أن تتعرف على موقع المرأة". وفي القبيلة، تتمتع المرأة بحقوقها كاملة وتعطي أهمية كبرى لأصل الأم ونسبها، ويرى الشيخ "حمد بن جازي" بأن المرأة البدوية تتمتع بحقوقها الإنسانية إلى درجة لم تصل إليها المجتمعات المتمدنة. وعن الأمومة يقول: "إن الأمومة هي د المرأة وليست سبباً من أسباب العجز والمهانة والدونية".. ومن هنا، يتأتى الحب الإنساني الحقيقي والقيم الأخلاقية العالية التي يتحلى بها بدو الحويطات.... البعد عن العنصرية والتعصب ضد الجنس الآخر.
وبذلك، يعطون أفضل الأمثلة وأنقى العلاقات الإنسانية وأنصفها في عصر قتلت فيه المدنية كل أشكال القيم والأخلاقيات والموروث الجميل الذي فطر الله عبادة عليه منذ نشأتهم الأولى.
بلهجته البدوية المحببة، قال الشيخ "حمد بن جازي" لضيفه المجاهد "فايز الفصين"، مستشار الأمير فيصل بن الحسين: "المرأة كما تقولون نصف المجتمع، وهي الأم والزوجة والبنت والأخت والقريبة.. وهي ولادة الرجال، ومربية كل الأبطال، وشيخة العلماء والقادة الأفذاذ". قال هذا الكلام الجميل للمجاهد فايز الغصين، عندما سأله عن سروره بمناداته بـ (أخوصيته ) .... وأصل الحكاية أوردها (الغصين) في مذكراته. ونختصرها بالفقرات التالية:
"كلفني الأمير فيصل بن الحسين بحمل رسائل إلى مشايخ البدوية الصحراء الأردنية وجبل الدروز، وكانت محطتي عند الشيخ حمد بن عرار الجازي" من أمتع وأجمل المحطات، وتشعب الحديث، وشمل حياة البدو في حلهم وترحالهم، وفي حروبهم وغزواتهم، وفي جمالهم وخيولهم، وفي عاداتهم وتعدد زوجاتهم، وكدنا ننسى المهمة الأساس"
"يتمتع الرجل بشهامة البدوي الأصيل، ويحفظ العشرات من القصص والحكايات والأمثال التي تمجد الشجاعة العربية والكرم العربي، ونصرة المظلوم والملهوف، واليتيم، والفقير، والعقيم... 11 "ولكن الذي استوقفني هو احترام الشيخ حمد للمرأة، وكان يعتز كثيراً بأخته (صيته) ليس لجمالها فحسب، بل لقوة شخصيتها، وحدة ذكائها، وصواب رأيها، وكانت موضع نخوة ( ابن جازي)، مثل ما كانت (عليا ) نخوة الشيخ عودة أبو تايه، ويبتهج الشيخ حمد عندما يفتخر باسم نخوته قائلاً "أنا أخوصيته - "عرفت من الشيخ حمد بن جازي، أن المرأة في القبيلة مكفولة، وحقوقها مصانة... وعند الحويطات، المرأة هي شرف القبيلة بكاملها، والجميع معنيون بالحفاظ على هذه العلاقة المأخوذة بالعادة والعرف" - قال لي الشيخ حمد: وللمرأة في القبيلة حق التصرف في مال أبيها وزوجها، ويحق لها إعارة فرس الأب والزوج، ويحق لها حماية الدخيل وإغاثة الملهوف، وإكرام السائل، والفصل في الكثير من القضايا التي تخصها... وقلما تجد امرأة بدوية سرقت أو ارتكبت جريمة قتل، أو غدرت بزوجها أو قبيلتها، ولا تعرف خيانة من تحب... المرأة البدوية التي تحلب الشاة، وتغزل الصوف، وتقوم بمهام البيت والأسرة، هي أيضاً شاعرة وفارسة وأم الكرماء والحكماء والقضاة الذين عرفتهم البادية..." 11 إذن، المجتمع البدوي، هو أكثر حضارة ورقياً من المجتمعات المعاصرة، حيث المقياس المعتمد في تحضر الشعوب هو موقع المرأة واحترامها وإنسانيتها...المصدر مشاهير في التاريخ الاردني ...