أين الفرسان؟ قدّ يدّعي كثيرون بأنهم فرسان وأنا أحدهم؛ دائمًا أقول بأنني أمتلك أخلاق الفرسان وتصرّفاتهم ولكنني عند المحكّ أفشل بأن أكون نصف فارس..!
كان الفرسان يملؤن الطرقات و الأزقة والحارات.. كانت حين تضيق بك الدنيا تأوي إلى أحدهم وتترك الباقي عليه.. كنتَ إذا ما مررت بجانب أحدهم واشتمّ ريحك أجبرك على أن تكون كل شيء لديه..!
طبعًا لن أدعي أن الفروسية قد انتهت.. قد تجد من يقف معك .. لكنني أتحدث عن الفارس الكامل المتكامل ولا أتحدث عن فروسية الموقف الواحد.. أتحدث عن الذين كانوا يشعرونك بالأمان لمجرد وجودهم ولا أتحدث عن الذين يضعون الحرّاس والحواجب ولديهم أرقام خاصة لا تستطيع الوصول إليها.. أتحدث عن فوارس يسترون عيوبك وليس اؤلئك الذين يصنعون لك عيوبًا ويلبسونك إيّاها في عزّ الظهيرة..!
زمن الفرسان ولّى.. حاتم الطائي صار خرافة.. ومعن بن زائدة لن يموت من أجلك.. وشيوخ القبائل في كلّ الأوطان سيفاوضون عليك الآن ويسلّمونك لأقرب شرطي..!
الأخلاق تغيّرت.. لذا لكل أخلاق فرسانها ولكنها أخلاق ستجعلك تمشي في كل الشوارع ولن تجد من يقول لك: جيرة الله تعطيني يوم ..! لأن ذلك اليوم من أيّام العرب.. والعرب أضاعت أيّامها لذا أضاعت فرسانها ..!
الأمّة التي تتغيّر أخلاقها بالضرورة ستفقد أمانها.. وفاقد الشيء لا يعطيه في زمن الحداثة السائلة..!