تستعد مدينة خيرسون، جنوبي أوكرانيا، إلى "معارك مستعرة" في ظل حشد وتصعيد من جانبي روسيا وأوكرانيا، اعتبرها محللون "معركة فاصلة" في مصير الحرب التي بدأت قبل 8 شهور.
ووفق تقارير غربية، بدت خيرسون بعد عمليات الإخلاء الجماعي التي قامت بها موسكو خلال الأيام الأخيرة، أشبه بـ"مدينة أشباح"، وأصبح الوضع بالغ التوتر، حيث يسيطر القلق على من تبقى فيها من سكان.
وفقدت أوكرانيا السيطرة على معظم خيرسون المطلة على البحر الأسود، بما في ذلك عاصمتها التي تحمل اسمها، في الأسابيع الأولى من العملية العسكرية الروسية التي بدأت في 24 فبراير الماضي، قبل أن تعلن بدء هجوم مضاد مطلع سبتمبر الماضي، حققت خلاله نجاحات ميدانية باستعادة السيطرة على عشرات البلديات.
معركة فاصلة
وحول أهمية خيرسون، قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، ميتشل بيلفر، لموقع "سكاي نيوز عربية":
"خيرسون تقع بالقرب من مصب نهر دنيبرو، وبالتالي فهي تمثل خط إمداد حيويا ونقطة وصول لمجموعة واسعة من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا".
"روسيا استولت على المدينة في فبراير من هذا العام مع بداية الحرب، لكنها وجدت نفسها تحت ضغط، مع تزايد الهجوم المضاد من قبل أوكرانيا قبل فصل الشتاء".
"إذا استعادت القوات الأوكرانية مدينة خيرسون، فسيوجه ذلك ضربة استراتيجية كبيرة لروسيا، ويضيف فشلا آخر إلى القائمة المتزايدة من سوء التقدير الروسي خلال الحرب".
احتمالان
وأشار بيفلر، وهو مدير مركز أبحاث في روما، إلى أن "هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت روسيا تخطط وتنتظر وصول قوات جديدة، أو إذا كانت تستعد لإخلاء المدينة".
وأضاف: "إذا كان الخيار الأول فإن روسيا تأمل في السيطرة على المدينة خلال الشتاء المقبل، وإذا كان الأخير، فيبدو أن القوات الروسية ستعيد انتشارها جنوبا من أجل مضاعفة تأمين شبه جزيرة القرم".
ولفت بيفلر إلى أن السيطرة على شبه جزيرة القرم "مصلحة استراتيجية رئيسية لروسيا، خاصة بعد أن أثار الهجوم على جسر كيرتش قلق الكثيرين في الكرملين، من أن أوكرانيا ستحاول إعادة تحريرها كجزء من هجومها المضاد الأوسع".
وتابع: "من المهم أن نلاحظ أن روسيا بدأت في إجلاء موظفيها الإداريين من خيرسون".
ماذا يحدث في خيرسون؟
في محاولة لتأجيل الهجوم المضاد الأوكراني مع استكمال الروس انسحابهم، شكلت موسكو ما يسمى بـ"الدفاع الإقليمي" في المدينة كانت قد حشدتهم مؤخرا على الجانب الآخر من النهر الرئيسي، وفق أسوشييتد برس.
السبت، طلبت السلطات الروسية في أوكرانيا من جميع سكان خيرسون "المغادرة على الفور".
تقارير أوكرانية أكدت قيام وحدات الجيش الروسي بإنشاء تحصينات على ضفاف نهر الدنيبر في خيرسون.
التقارير نوهت إلى "ترك ممرات صغيرة للانسحاب المحتمل للقوات من الضفة اليمنى".
روسيا سحبت خلال عمليات الإجلاء الأخيرة، معدات وموظفي جميع البنوك والإدارات الخدمية الموالية لموسكو، ومعدات مزودي خدمة الإنترنت.
الجيش الأوكراني بدوره، أكد أن قواته "تواصل هجماتها المضادة في منطقتي خيرسون وزابوريجيا".
الجمعة، قصفت القوات الأوكرانية مواقع روسية في جميع أنحاء المقاطعة، مستهدفة طرق إعادة الإمداد للقوات الموالية للكرملين عبر نهر دنيبرو، بينما تستعد لخطوة أخيرة من أجل استعادة السيطرة على المدينة.
أهمية معنوية واستراتيجية
خيرسون هي أول مدينة أوكرانية رئيسية سقطت بيد القوات الروسية منذ اندلاع الحرب، مما شكل دفعة معنوية قوية لموسكو.
تقع ضمن الأقاليم الأربعة التي أعلن الكرملين أواخر سبتمبر ضمها إلى روسيا، وبالتالي فإن سيطرة الأوكرانيين عليها مجددا سيشكل صفعة مؤلمة لموسكو وهيبة جيشها.
الإقليم له أهمية خاصة، إذ يضم سد محطة كاخوفكا لتوليد الكهرباء، وجسر أنتونوفسكي الذي يربط المدينة بالضفة الجنوبية لنهر دنيبر وبقية منطقة خيرسون.
تعتبر ميناء مهما ورئيسيا على البحر الأسود ونهر دنيبرو.
تطل على بحر آزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي، علاوة على أنها تشكل بذلك حلقة وصل بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
تمتلك أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود، وهي مركز رئيسي للشحن.