تشرَّفنا ليلة أمس بالإستماع إلى محاضرة نوعية في صالون د. سهام الخفش الثقافي حول واقع حالنا ما بين السياسة والإقتصاد والحوار الجاد والصريح إلى أين نحن متجهين وحالة اليأس التي تلّف الشارع الذي يحتاج إلى إعادة بناء الثقة في مؤسساته وأهمية الإصلاح الإداري كأولوية قصوى لإحداث التنمية المطلوبة.
فحسن إدارة الموارد التي بحوزتنا يجب أن يعتلي أعلى سلم أولوياتنا إضافة إلى الإصلاح السياسي والإقتصادي. فلا بد من التركيز حالياً على ثلاث قطاعات هامة لإحداث التغيير المطلوب وهي القطاع التعليمي والقطاع الطبي والقطاع السياحي، فالأردن يمتلك مقومات هامة شكلت نقطة إستقطاب هامة لهذه القطاعات الهامة التي وجب إعادة تقييمها ودعمها وتنميتها لما لذلك من إنعكاس مباشر على الإقتصاد الوطني والتخفيف من ثنائية الفقر والبطالة التي تزايدت في ظل الظروف التي تلّف منطقتنا والعالم أجمع.
ولا بد من بث روح الأمل في نفوس الشباب رغم كلِّ الظروف الصعبة بأنَّه لا أمل لنا بغدٍ أفضل إلا بالحب الصادق لهذا الوطن والحفاظ عليه والإلتفاف حول قيادته الهاشمية الحكيمة، فلا وطن نلجئ إليه سواه. ولقد شكّل الأردن ملجأً لكثير من اللاجئين الذي وجدوا فيه الملجأ الأمين، وواجبنا أن نحافظ عليه في ظلِّ المخاطر التي تُحيط بنا ولا سيما نمو اليمين الإسرائيلي الديني المتطرف الذي يشكّل خطراً على الأردن، مما يدعونا للحافظ على بلدنا وعلى نسيجه الوطني ومحاربة كافة أشكال الفساد التي تنخر في وسطنا.
وما من شك أن تطورات المشهد العالمي كانت له إنعكاسات كبيرة على منطقتنا، إبتداء من حرب الخليج والأزمة المالية العالمية وحرب الكورونا والحرب الروسية الغربية وإفرازاتها وإنعكاساتها على غلاء الأسعار والأمن الغذائي العالمي.
وجدير بالذكر أنَّ مجموع الناتج الإجمالي العربي مجتمعاً هو 2.8 تريليون دولار وهو أقل بكثير من الناتج الإجمالي لبريطانيا رغم الثروات الهائلة التي تزخر بها البلاد العربية ورغم الكفاءات البشرية القادرة على إحداث تنمية حقيقية في حالةِ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والعمل المؤسسي والحوكمة الرشيدة. وإن كان لا بد من الإستدانة فالأفضل لتنفيذ مشاريع وطنية إنتاجية ضخمة ضمن رؤية إقتصادية إستراتيجية تسهم في إحداث التنمية المنشودة.
فلا بّد لنا إذن من مواكبة العصر والتركيز على نوع ومخرجات التعليم التي تلامس حاجة مجتمعاتنا لتفادي المزيد من البطالة في تخصصات مشبعة، فسنغافورة تشكّلُ مثالاً يحتذى به في النمو والتطور وكذلك ألمانيا بعد الدمار الهائل الذي حلّ بها في الحرب العالمية الثانية. فرفد السوق الأردني سنوياً ب 80000 خريج سنوياً يحتاج إلى إعادة تقييم جذري لمخرجات التعليم ودعم حقيقي للقطاع الخاص الشريك الحقيقي في التنمية.