حين تراه بلباسه العربي الأصيل، ولحيته البيضاء وطلعته البهية، وابتسامته التي لا تفارق محياه، فإنك ترى فيـه وقـار الشيوخ، وهيبة الوجهاء، فإذا ما سكن المجلس، وأخذ الناس أماكنهم، وآل الحديث إليه، رأيت فوق ذلك كله عالما معمما بالحكمة مجللا بالمعرفة، مؤتزرا بالحجة، يكسو وجهه التواضع ويملؤه الزهد بالندى والحياء، يُكْبِره من حوله ويجلونه ، عارف بالأنساب، خبير حافظ للأشعار ، مطلع على قضايا الوطن، ومستجدات العصر. لديه إحساس عال بمسؤولياته الاجتماعية، يمشي في حاجات الناس، ويصلح ذات بينهم ويتفقد أحوال صحبـه وأصدقائه، ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم، فلا يغيب إلا لعذر مانع، حريص على متابعة الشأن الثقافي ،ورعايته في محافظته إربد، وحيث يدعى في أي مكان لبي غير مرة الدعوات الثقافية التي كانت توجه إليه في المركز الثقافي الملكي الذي تشرفت بإدارته والإشراف على برامجه ،سابقا ، وقد عرفته عن قرب من خلال تلك المناسبات، لقد كان وقورا متواضعا دمث الخلق لين ،المعشر محاورا يقدح زناد عقله المتوقد فيشع بأحلى الدرر موسوعي الثقافة متفتح ،الذهن، يأسرك بقوة حجته، وضميره الحي، وبفقده ورحيله فإن إربد تفقد رجلا من رجالاتها الكبراء، ونبيلا من نبلائها الفضلاء وفارسا من فرسانها الأصلاء، لا يزل عن صهوة ، ولا يتطامن عن قمة ولا تفتر له همة.... لقد رحل أحد رموز إربد والوطن وترك إرثا طيبا وسمعة عطرة تتراكم ولا تموت، فهو الثابت على الحق الذي لا تلين له قناة الصلب في مواقفه الغيور الجسور المحب لوطنه الذي لا يهادن على مصلحة الوطن مهما كلف الأمر يملؤنا الوجع على رحيله؛ فحين تخلو الدنيا من هؤلاء الطيبين نستشعر حجم الخسارة ومرارة الفقد .