إن أجمل أوقات المعلم هي تلك التي يمضيها بين طلابه ؛ سواء أكانت في داخل قاعة التدريس أو في التطبيق الميداني بحسب الاختصاص، ولكوني بدأت حياتي المهنية في وزارة التربية والتعليم معلمة فإن قناعاتي الخاصة أن مهنة التعليم هي من أرقى المهن وأنبلها ولأني أدرك ذلك أجد نفسي لا أستطيع إلا أن أكون خليطا متكاملا من الأكاديميا والتربية.
ولأن المشهد الحالي هو لأجيال من الطلبة قد تتفوق علينا في مجاراتها لكل ما فيه من تكنولوجيا وحداثة، فالمعرفة لم تعد تقتصر فقط على ما يتم تعليمه ،فقد أصبحت في متناول الجميع وبأسرع الطرق وأيسرها ولا ينحصر دور الأكاديمي فقط على إعطاء المحاضرة المختصة في موضوع ما و إنما ينبغي عليه أن يكون المحفز والداعم والشخص الذي ينمي ما لدى الطلبة من مهارات وأفكار والتي قد يكون بعضها مستحدثاً مفيداً.
و في هذه الفترة العمرية التي يكون فيها الطالب في المرحلة الجامعية التي تنضج فيها شخصية الطالب كشاب انتهى من مرحلة الإملاء إلى مرحلة النصح ليحسن الاختار، فلابد للمدرس أن يترك لديه أثرا جيدا يرافقه مدى حياته ، فكما حفظت الذاكرة لدينا بعض من المحبطين إلا أنها لا تزال غنية بالعديد ممن كان لهم أفضل الأثر ، فالطالب في هذه الفترة من عمره يتقبل التوجيه الإيجابي ويستوعب المعلومة إن كانت موجهه له بطريقة ذكية يشعر معها أنه من يختار وعندما يستشعر الطالب أن مدرسه الأكاديمي يثق بقدراته ويحاول دعمها ويشجعها تجده يميل لهذا النوع من المدرسين الذي يثق بعطائه والذي يقدم المادة التعليمية بسلاسة وتلقائية مدروسة، والذي يعمل بخطة واضحة ومنهاج سليم وإبداع، وهو نفسه من يشعرهم بمدى استمتاعه بعمله الذي يقوم به.
وعندما يتناهى لمسامعي أحياناً شعور بعض الطلبة بضعف العلاقة بينهم وبين بعض مدرسيهم أعلم أنه قد ينسى بعضنا بأنه وبحكم عمله وبصورة غير مباشرة أصبح مسؤولا عن طالب ذو انتماء اجتماعي معين وذو شخصية حساسة أحيانا ولا يجوز لنا أن ننسلخ هنا عن مهامنا الإنسانية في الحياة فالدعم النفسي والثقافي هما على رأس هرم هذه المهنة جنبا إلى جنب مع المعرفة والتعلم.
ومن كمال الجمال أن الدين الحنيف حض على العلم بجعل أول كلمات الوحي نزولاً إقرأ، وكان من فداء أسرى غزوة بدر أن يعلّم أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
ويكفي من أقوال العصر الحديث قول محمود سامي الباردوي عن فضل العلم: