كتبَ وعلّق كثيرون عن أنَّ الرياضة هي إهدار للوقت والعمر والسنين وعن الأبعاد السياسية للرياضة. ولربما تاريخياً هناك نزعة ما بهذا الإتجاه المسيَّسِ للرياضة، لكن لا يجب علينا أن نَختزل عالم الرياضة الجميل بهذا المفهوم الضيق، وأن نسيِّسَ عالمَ الرياضة كما يتم تسييس الدين ليخدم أهدافاً سياسية واقتصادية وغيرها من تسويق مفاهيم وممارسات غريبة وبعيدة عن القيم السماوية وعن الممارسات الطبيعية التي أوجدنا الله عليها.
فنهاك أصواتٌ تجد أنَّ الرياضة وكأس العالم خصوصاً في الإشارة إلى مونديال قطر 2022 بأنَّهُ ملهاة ومضيعة للوقت ولا تستقيم مع حياة الإنسان المؤمن. فإن كانت الموسيقى الراقية والفن الراقي والرياضة الراقية ملهاة ومضيعة للوقت، فماذا تبقى من مفاهيم الجمال والحس الإنساني الراقي والشعور بالمتعة؟
هذا لا يعني طبعاً أن نتجاهل متطالبات الحياة والجّد والإجتهاد في الدراسة والعمل والقيام بشتى المسؤليات والواجبات الملقاة على عاتقنا، ولكنه لا ينفي عنَّا حاجة وضرورة التمتع بما خصّ به الله عالمنا من رقي وجمال وفن وموسيقى وتنافسٍ شريف يُعلّي من حب التعاون والتشاركية وروح الفريق الواحد والإنضباط وتهذيب النفس وتمتعها بالقيم والمفاهيم السامية.
ولعل من أجمل ما تُحدِثُه مثل هذه التجمعات العالمية هو تقارب الشعوب من بعضها البعض والتعرُّف على ثقافاتها وعاداتها ولغاتها وتاريخها، وكذلك الإحتكاك بها عن قرب مما يفتح آفاقاً جديدة من المعرفة الغائبة عنّا، وتدفع بإتجاه حوار الثقافات والشعوب، ومدِّ جسور التفاهم والتعاون لبناء عالم يحترم التعددية الثقافية والفكرية والدينية، ويسهم في بناء عالم أكثر إنسانية يحترم حقوق الإنسان ويصون كرامة المرء وحقه في حياة كريمة خصوصاً في ظل مواجهة التحديات العالمية الجديدة من جراء التغيّر المناخي والجفاف وتخلخل الأمن الغذائي وحصة الفرد من المياه النقية، وتزايد موجات التطرف والعنف والإرهاب، ونمو أنماطاً سلوكية مغايرة للتعاليم السماوية والطبيعة البشرية.
بالإضافة لكل ما سبق من فوائد وإيجابيات للرياضة على مستوى العالم يبقى القول أنَّ الرياضة نافعة وضرورية للحافظ على صحتنا الجسدية، فالعقل السليم في الجسم السليم، وليست الرياضة أبداً مضيعة للوقت أو هدراً له إن أحسَنَّا إستثمار وقتنا خير إستثمار، فلا داعي إذن لأن نشيطن الرياضة أو نسيّس مباريات كأس العالم، فسيبقى للفرق الرياضة العالمية دورها في بث روح الفرح والإثارة والروح المعنوية.