المتابع لمباريات كأس العالم على عدد من القنوات الرياضية، وأخبار (مونديال) قطر على عدد من القنوات الاخبارية، لا يجد طوال الفترة الماضية ولو لقطة واحدة أو لقاء اعلامي لأي من رجال الأمن والدفاع المدني المعنيين بالمحافظة على أمن هذا الحدث الكبير على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من قبلهم في التنظيم والتفتيش والمراقبة وتأمين الطرق والساحات وأماكن اقامة الوفود والجماهير وملاعب المباريات، وبالرغم من تعاملهم مع العديد من المواقف المختلفة التي يفرزها مثل هذا الحدث الرياضي الكبير.
أعتقد أن عدم اظهار التواجد الأمني اعلاميا وبقاء جهود الأجهزة الأمنية شبه مجهولة يشكل جزء من السياسة الاعلامية المتبعة لتغطية فعاليات المونديال بهدف اشاعة أجواء الأمن والأمان على مستوى الدولة وعلى مستوى الحدث الرياضي، ولإظهار حقيقة أن الدولة ليست بوليسية، وأن لا وجود لأي تهديدات أمنية، وأن كل شيء يجري بهدوء وبشكل طبيعي، وأن ما تقوم به الأجهزة الأمنية هو من صميم واجبها الذي لا يحتاج إلى الظهور أو المدح والتجميل والاطراء والثناء.
وفي ذات السياق لم يتم تسليط الضوء بشكل واضح على جهود الجهات التي قامت بالتنظيم والاعداد والتنفيذ والتصميم والترتيب لهذا الحدث الرياضي الكبير على مدى سنوات عديدة حتى لا يعزى النجاح في التنظيم لأية جهات أخرى، وهو ما اعتادت عليه قطر في معظم الظروف المشابهة، وترى أن هذا حق لها على اعتبار أن أية جهود هي جهود تنتهي حقوق أصحابها بمجرد قبض الثمن.
ندرك أن المبالغة والافراط في نشر المظاهر الأمنية وأخبار الحوادث والقضايا الأمنية ينشر العفن في المجتمع، وتفتر معه الهمم، وتنحدر معه القيم، وبالرغم من أننا في الأردن ندرك أن النفق مظلم، لكن لو نظرنا في نهايته سنجد ضوء يعطينا بارقة أمل، وأن علينا أن نجتهد وأن نخلص العمل لإدراكه قبل فوات الأوان، وإلا ما نحن ببالغيه.
السؤال، في ظل الفوضى والتخبط وضبابية المشهد الإعلامي، هل نحن في الأردن بحاجة إلى اتباع سياسات وطرق اعلامية تعلي وتعظم الايجابيات، وتعمل على تحجيم السلبيات دون اغفالها حتى لا تتفاقم، أم أن وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وجدت ضالتها في السلبيات وصولا الى الذيوع والانتشار ولو على حساب أمن الوطن.