فيما كانت طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تتجه الأربعاء، نحو الولايات المتحدة في أول زيارة له خارج بلاده منذ بدء الحرب، كشف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن ملامح خطط بلاده العسكرية والردعية للعام المقبل، مؤكدا أن قوات بلاده النووية جاهزة بـ 91 بالمئة.
وشدد بوتين على "الاستعداد القتالي للقوات النووية"، معتبرا ذلك بمثابة ضمان لسيادة روسيا ووحدة أراضيها"، فيما كانت تقارير غربية قد تحدثت مرارا عن احتمال لجوء موسكو إلى شن هجوم نووي تكتيكي.
بين إعلانين
يرى خبراء عسكريون أن هذا التزامن بين زيارة زيلينسكي لواشنطن، وإعلان بوتين تزويد القوات النووية بالمنظومات فرط الصوتية والصواريخ العابرة للقارات الجديدة "ليس لها مثيل في العالم"، وما قابله من إعلان أميركي بمنح كييف منظومات الدفاع الجوي من طراز باتريوت، والتي يتوقع أن تشكل سلاحا ردعيا فعالا ضد الهجمات الروسية، مؤشر واضح على أن هذه الزيارة ستشكل مرحلة تحول في مجريات الصراع وتوازناته ميدانيا وسياسيا.
ويرى محللون آخرون أن استعراض العضلات وتبادل الرسائل التصعيدية بين موسكو وواشنطن في الملعب الأوكراني، ردعي بالدرجة الأولى، من باب إيصال التصعيد للذروة تمهيدا لتنفيسه، وهو ما قد يفتح كوة في جدار الانسداد في الأزمة الأوكرانية، في ظل المعطيات الميدانية التي لا تشير لإمكانية الحسم العسكري للحرب لدى طرفيها .
حرب مضبوطة الإيقاع
يقول الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم بمعهد ستيمسون الأميركي للأبحاث، عامر السبايلة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية":
زيارة زيلينسكي لواشنطن مؤشر على أن الحرب دخلت مرحلة تخفيض عملياتي، لدرجة أن يتاح له السفر خارج بلاده في ظل ظروف قاهرة، وهذا يعني أننا أمام أحد سيناريوهين:
الأول : التعايش مع حرب طويلة الأمد، حتى وإن كانت مضبوطة الايقاع وذات طابع دفاعي أوكراني لاستنزاف موسكو .
الثاني : بداية الانتقال للدبلوماسية وبلوغ مرحلة طرح أفكار الحل السياسي والسلمي وآلياته التفاوضية.
حسابات الداخل الأميركي
هذه الزيارة تنطوي كذلك على حسابات داخلية أميركية تتعلق بتعزيز موقف إدارة بايدن من الأزمة الأوكرانية على صعيد الرأي العام الأميركي.
لكن الزيارة تعكس أيضا أن الأزمة قد تكون في طريقها نحو الحل والانفراج، كون الزيارة رغم ما تخللها من تقديم مساعدات عسكرية ومالية سخية لكييف، لكنها في الأصل زيارة تنطوي على محاولات تلمس طرق تحقيق حل دبلوماسي وسط بعد نحو عام من حرب مكلفة ومستنزفة للعالم ككل".
حسابات القوة والتفاوض
من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات، حسن المومني، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية":
اعتمد الروس في الأسابيع الماضية تكتيكات مغايرة في الحرب تعتمد على القصف بعيد المدى وعبر المسيرات، وتكثيف ضرب البنى التحتية الأوكرانية، وبالمقابل هناك حديث عن ضرورة تفعيل المفاوضات والبدء بالحوار.
تلويح بوتين بالترسانة النووية فيما كان زيلينسكي على متن الطائرة التي تقله للولايات المتحدة، كان مسعى لممارسة الضغط ودفع الطرف الأوكراني والغرب الداعم له إلى التفاوض.
الاحتمالات كافة مفتوحة للتصعيد العسكري ولتخفيضه، وهذا ما سيدفع الطرفين على الأرجح إلى الرضوخ لخيار الدبلوماسية والعقلانية في ظل توازن الردع النووي بين روسيا وحلفاء أوكرانيا الأطلسيين، وفي ظل تكافؤ في الجبهة بين الروس والأوكرانيين في الميدان.