تعددت آراء العلماء في ماهية الحروف السبعة، وسنذكر آراء العلماء في الأحرف السبعة فيما يأتي:
القول الأول
إنها سبع لغات من لغات العرب، وهي لغة قريش، هذيل، ثقيف، هوازن، كنانة، تميم واليمن فهي أفصح لغات العرب.
القول الثاني
إنها أوجه من الألفاظ المختلفة لنفس معنى الكلمة، مثل أقبل، هلم وتعال.
القول الثالث
إن هناك سبعة أوجه للاختلاف مع بقاء الرسم كما هو وهذه الاختلافات هي: اختلاف الأسماء من تذكير وتأنيث وإفراد وجمع، اختلاف تصريف الأفعال من ماضي ومضارع وأمر، اختلاف وجوه الإعراب، الاختلاف بالنقص والزيادة، الاختلاف بالزيادة بالتقديم والتأخير، الاختلاف بالإبدال، اختلاف اللهجات كالتفخيم والترقيق والفتح والإمالة.
ويقرأ المسلمون القرآن الكريم بالطريقة التي وصلت إليهم بالتواتر عن الرسول الأمين، ولا تصح قراءته بغير هذا الوجه، لذا فالأحرف السبعة هي: الكيفية التي أقرأ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس بالاعتماد على قدرتهم وطريقة كلامهم، وهذه الكيفيات عددها سبع للتسهيل على الأمة، وهذه الكيفيات جميعها وحي من الله -تعالى-.
الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف
سنذكر فيما يأتي الحكمة من نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف:
تيسير القراءة على الناس
إن لكل قوم لهجتهم؛ فمنهم من يقرأ بالهمز، ومنهم بالتخفيف، ومنهم بالإمالة، وتعددت أوجه الإعراب عند كل قوم، وقد يسر الله -تعالى- على الأمة الإسلامية فأنزل كتابه بسبع لغات متفرقات يحملن نفس المعنى.
تعد هذه الأحرف من خصائص هذه الأمة
التي امتازت بها عن غيرها من الأمم، فقد تكفل الله -تعالى- بحفظ كتابها بخلاف الأمم السابقة، إذ وكل الله -تعالى- لهم حفظ كتبهم فحرفوها وضيعوها.
سهولة الحفظ وتيسير النقل.
بيان عظمة الآية القرآنية.
تأثير تعدد القراءات في الأحكام الفقهية.
إظهار بلاغة القرآن ومنزلته في الإيجاز.
تعدد القراءة فيه بيان لقواعد نحوية وتصريفية مختلفة.
دليل على صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
الأدلة الثابتة في الأحرف السبعة
سنذكر بعض الأحاديث النبوية التي تحدثت عن الأحرف السبعة، وذكر الفوائد منها فيما يأتي:
رواية ابن عباس
ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف).
رواية أُبي بن كعب
كان الصحابي أُبي بن كعب -رضي الله عنه- في المسجد، فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة لا يعرفها، ثم دخل آخر فقرأ قراءة غير قراءة الأول، فلما انتهوا من الصلاة، دخلوا جميعاً إلى الرسول الأمين فأخبره أُبي بما حصل.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أُرْسِلَ إلَيَّ: أَنِ اقْرَأِ القُرْآنَ علَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ علَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إلَيَّ الثَّانِيَةَ: اقْرَأْهُ علَى حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ علَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأْهُ علَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ).
وفي هذا بيان على حرص الصحابة -رضوان الله عليهم- تلقي القرآن عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والحرص على نقله متواتراً كما نزل على الرسول الكريم، وهذا دليل على أن الأحرف نزلت في المدينة، ودليل على أنه لا يصح أخذ الحروف إلا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
رواية عمر بن الخطاب
يروي عمر بن الخطاب أنه سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما يقرأه، وكان الرسول الأمين أقرأها لعمر، فقال له عمر بن الخطاب: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها؟، فرد أن الرسول الكريم هو من أقرأه.
ثم انطلق به عمر إلى الرسول الأمين وأخبره أنه سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها له، فقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- لهشام أن يقرأ، فقرأ القراءة التي سمعها عمر، فقال رسول الله: هكذا أنزلت، ثم طلب من عمر أن يقرأ فقرأ، فقال رسول الله: (هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه).
وفي هذا الحديث دليل على أن الأحرف السبعة وحي من الله -تعالى- وأنها مأخوذة من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وليس لأحد أن يقرأ بغير ما تلقنه من رسول الله، ولنبين شروط القراءة الصحيحة للقرآن وهي: أن يكون سندها متصلاً بالرسول، وأن توافق المصحف العثماني، وأن توافق اللغة العربية بأحد الأوجه.