خلال ليلة رأس السنة الميلادية لهذا العام قررت من باب الفضول وحب المعرفة أن أدخل عالم الشباب وأحاول اكتشاف بعض تفاصيل جانبه السعيد وبداية العام الجديد فرصة يتجمع فيها هؤلاء ليعبروا عن فرحهم، توجهت مباشرة الى منطقة العبدلي الجديد حيث ساحة البوليفارد المكان السنوي لهذه التجمعات وما إن تجاوزت دوار الداخلية وإذ بي أتوقف ليس لأي سبب تقني بل واجهني صف طويل من السيارات المتوقفة تماماً توقعت في البداية أنه مجرد حادث أدى إلى هذا الأمر، استمر الوضع ما يزيد على نصف ساعة والسير لا يتحرك أبداً بعد ذلك بدأ بالحركة بشكل شديد البطء كنت ألمح الإشارة الضوئية وهي تقلب ألوانها ما بين الأحمر والأصفر والأخضر دون أي تأثير يذكر على تحرك السيارات، بعد نصف ساعة أخرى تجاوزت الإشارة الضوئية تسارعت الحركة قليلًا في النهاية وصلت الى المدخل الأول للعبدلي قام شرطي المرور بتحويلي إلى مدخل آخر ومنه دخلت.
عندما دخلت المنطقة هالني حجم الفوضى والارتباك واللاتنظيم فأرتال السيارات المكدسة على الجانبين وعدد كبير من السيارات التي لا تكاد تتحرك وحركة المارة دون اي تنظيم في مشهد يوحي بأننا أمام معركة وليس احتفال بالإضافة إلى اعداد كبيرة من أفراد القوى الأمنية تغلق الطرقات وتحاول ضبط الموقف لكن دون جدوى، كنت أحاول التملص من هذه المعيقات فقد أصبح هدفي الوحيد هو الخلاص من هذا الموقف، فقد أفقدني الغضب الشديد الذي انتابني فكرتي الأساسية وقررت العودة إلى المنزل دون تحقيق غايتي المنشودة، لكن رحلة العودة استغرقت ما يزيد على الأربعين دقيقة في مسافة لا تحتاج إلى أكثر من عشر دقائق أو أقل.
خلال هذه الليلة أضعت ثلاث ساعات ونصف وأنا حبيس السيارة لم أفعل اي شيء آخر سوى الانتظار كنت أشعر بالأسف والأسى على هذا الوضع الذي على الشباب أن يتجاوزوه حتى يستطيعوا اقتناص لحظة من الفرح ولا أخفيكم أن جزءا من ذلك الأسى كان نتيجة الإحساس بالخيبة وربما الفشل، فقبل أيام كنا والعالم نشاهد أحداث كأس العالم في قطر حيث كانت الأعداد بمئات الآف لكننا لم نلمح أي شكل من الازدحام ولم نلحظ حتى مجرد الملاحظة أي رجل أمن يطلب من المارة تحديد وجهتهم لم نشاهد أي شجار، المشاركون والمتابعون كانوا في منتهى السعادة كان ذلك جلياً على وجوههم قد يقول قائل إنه المال، وأنا أقول أن منطقة العبدلي هي منطقة خاصة مترفة بالمال لكن في قطر كانت إدارة المال والناس في أوجها، أما هنا فإدارة الأدوات في أدنى مستوياتها، فلا المكان الذي يصبح كثكنة عسكرية ولا الناس الذين يحاولون التنمر على ذلك فيفتعلوا الفوضى ولا الجهة المنظمة والتي تفكر فقط في استثمار اللحظة للربح يشكلون بيئة مناسبة للفرح.
وصلت منزلي على مسافة عشر دقائق من نهاية عام وبداية عام جديد وأصدقكم القول أني كنت أبدو قاتماً من الداخل، وغاب التفاؤل أو بعضه الذي كنت أعاني منه وأنا هنا أقصد كلمة أعاني، نعم لقد عُدت مقهوراً لأني باختصار ذهبت بالأمر أبعد من ذلك فالفشل في إدارة مناسبة في مكان محدود يعني الفشل في إدارة أشياء كثيرة وكبيرة، حتى أنني بدأت أتساءل في داخلي هل ثمة قرار بمنع الفرح؟ لم أجد الجواب، كل ما وجدته أن مناسباتنا يخنقها دوماً الازدحام والفوضى والإجراءات الأمنية المبالغ بها دون مبرر، فمتى نعي أن لحظة الفرح تطفئ نيراناً من الغضب وأن دولاً تمرست في صناعته فلماذا لا نتعلم منها؟