الكذب هو التحديث عن شيء بعكس وخلاف ما هو عليه في الحقيقة، وهو خلق سيّء ومذموم، ولا يجوز في المزاح ولا الجد، بل إنه يُصبح من الكبائر إذا اعتاد عليه الإنسان، وقد يكون في الماضي؛ كأن يقول شخص فعلت ذلك، والحقيقة أنه لم يفعله، وقد يكون في المستقبل؛ بحيث يقول الشخص سأفعل ذلك، وفي نيته أنه لا يريد فعله،وفيما يأتي بعض الأحاديث التي تنهى عن الكذب:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُربّي أصحابه على التزام الصدق، ويحذّرهم من الكذب، ويحثّهم على الابتعاد عنه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الصدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنةِ، وإنَّ الرجلَ ليصدقُ ويتحرَّى الصدقَ حتى يُكتب عندَ اللهِ صدِّيقًا)، فالصدق طريق يوصل المؤمن إلى الجنة، أما الكذب فهو طريق إلى النار -والعياذ بالله-.
قالت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (ما كانَ خلقٌ أبغضَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الكذبِ ولقد كانَ الرَّجلُ يحدِّثُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالكذبةِ فما يزالُ في نفسِه حتَّى يعلمَ أنَّهُ قد أحدثَ منها توبةً).
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم عند عبد الله بن عامر، فنادته أمه -أي أم عبد الله- وقالت له: "هاكَ تَعالَ أُعطِيكَ شَيئًا"، فسألها رسول الله عن ذلك، فقالت له بأنها تريد أن تعطيه تمراً، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أمَا إنَّكِ لو لمْ تُعطِيه شَيئًا كُتِبَتْ عليكِ كِذبةٌ)، وفي هذا الحديث دليل على تربية الطفل على الصدق، حتى لا ينشأ على الكذب ويستسيغه.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سَمِعَ).
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَن كَانَتْ فيه خَلَّةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَلَّةٌ مِن نِفَاقٍ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).
أحاديث تبيّن عقوبة الكذب
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤيا في عذاب وعقوبة الكاذب، ورؤيا النبي نوع من أنواع الوحي، فيقول: (إنَّه أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعَثانِي، وإنَّهُما قالا لي انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما... فأتَيْنا علَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بكَلُّوبٍ مِن حَدِيدٍ، وإذا هو يَأْتي أحَدَ شِقَّيْ وجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنْخِرَهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنَهُ إلى قَفاهُ... قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ بالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِن ذلكَ الجانِبِ حتَّى يَصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى قالَ: قُلتُ: سُبْحانَ اللَّهِ ما هذانِ؟... قالَا لِي: أما إنَّا سَنُخْبِرُكَ... وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ).
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النارِ، وإنَّ الرجلَ ليكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتب عندَ اللهِ كذَّابًا).
حديث عن الكذب مزاحًا
توعّد النبي -صلى الله عليه وسلم- من يكذب ليُضحك الناس بأشد الوعيد، حيث قال: (ويلٌ للَّذي يحدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ بِه القومَ، ويلٌ لَه، ويلٌ لَهُ).
ملخص المقال: الكذب من صفات المنافقين؛ فهو سبب في الفسوق والعصيان، وعاقبته ليست بهيّنة في الدنيا والآخرة، وقد تواترت النصوص الشرعية في النهي عن هذا الخلق السيّء، وبيّنت سوء عاقبته، وأنه يهوي بصاحبه إلى النّار، حتى إن كان الإنسان مازحا.