تأسست دولةُ إسرائيلَ بناءً على خُرافةِ "أرضُ المَعاد" ، هذه الخرافة تُشكّل حجرَ الزاويةِ في تاريخهم ، وَظَّفت الحركة الصهيونية الخرافةَ سياسياً ، لإقامةِ وطنٍ قوميٍّ لليهودِ في فلسطين ، الآنَ إسرائيل دولةٌ أوروبيةٌ ، تُمَثِّلُ مرحلة العلوّ والفسادِ في الأرضِ ، تمتلك عناصرَ قوّةَ الدولةِ النوويةِ ، ذاتُ ذراعٍ إقتصاديةٍ طويلةٍ ، ترافقها قوّةً دبلوماسيةً ناعمةً ، تفرضُ إرادتها على عواصمَ القرارِ في العالمِ ، تتكئُ على لوبيٍّ صهيونيٍّ رأسماليٍّ إعلاميٍّ إستخباريّْ ، قادرٌ على الفعلِ والتأثيرِ .
برنامج حكومة "نتن ياهو" الجديدةُ ، هو الحنينُ إلى وضع الخرافةِ موضعَ التنفيذِ ، من تهويد القدسِ والإستيلاءُ على المسجدِ الأقصى وبناءُ الهيكلِ وترسيخ يهوديَّةِ الدولة ، بتهجيرِ أهل الأرض الأصليين "الفلسطينيين" إلى الوطنِ البديل لتهديدِ وجودنا ، ضمّ ما تبقى من فُتات الضفّة الغربية ، هو مشروعٌ متطرفٌ متكاملٌ لِيَتم تنفيذهُ على مراحلَ .
لكن، ما هو الثمن الذي ستدفعهُ إسرائيل ؟ لديهم مراكز بحوثٍ عملاقة ، تعمل باستمرار على إجراء عمليات تقدير موقف استراتيجيٍّ ، يخلُص إلى قرار يُوضَعُ بين يدي "نتن ياهو" ، سيكون هناك حواجز وعوائق وموانع وصعوبات ولعبٌ في النار ، فالأردنُّ يقفُ شوكةً في عينِ إسرائيلَ وخنجراً قاتلاً في نحرها ، أَعلن على لسانِ جلالةُ الملك "اللاءات الثلاثة" ، وهذا موقفٌ تشخصُ له الأبصار ، ثوابتُ لا تتغيرُ ولا تتبدلُ ، مصالحُ وطنيةٌ عُليا لا تنازُلَ عنها ولا تهاوُنَ فيها ، الشعبُ الفلسطينيُّ لا يُمكن أن يكون أوّل شعبٍ في التاريخِ يتنازل عن وطنهِ ، ولا يمكنُ أن يُجبَرَ عن التخلِّي عن "حقِّ العودةِ" ، العربُ والمسلمينَ لن يقفوا مكتوفي الأيدي ، أمامَ هذه الكارثة المتوقعة .
علوُّ الصهاينةِ وفسادِهم في الأرضِ وجبروتِهم الفرعونيّ ، هوَ دليلٌ واضحٌ على قُربِ زوالهم ، الآن أُمَّةُ الإسلام ضعيفةٌ لكنَّها ليست ميِّتة ، ستصحو وستنهض ضدَّ القهرِ والظُّلمِ والإذلالِ والإحتلالِ ، وسيبقى الحنينُ إلى الخرافة : " كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً" .