لقي وزير الداخلية الأوكراني و13 شخصا آخر مصرعهم جرّاء تحطّم مروحية قرب روضة أطفال صباح الأربعاء، في منطقة كييف، في مأساة "مروّعة" وقعت أثناء توجهه إلى خطوط القتال الأمامية في خضم الحرب مع روسيا.
تحطمت المروحية وهي من طراز سوبر بوما إي سي 225 (من صناعة إيرباص هليكوبتر، يوروكوبتر سابقًا) وفق جهاز الطوارئ التابع لوزارة الداخلية الأوكرانية، في الساعة 08.20 صباحًا في بروفاري قرب كييف.
وأوضح جهاز الطوارئ عبر تلغرام "أصيب مبنى روضة الأطفال، ثم امتد الحريق عبر نوافذ مبنى مكون من أربعة عشر طابقًا وإلى ثلاث سيارات"، مضيفًا أن 9 أشخاص كانوا على متن المروحية، من بينهم الوزير دنيس موناستيرسكي ونائبه.
ووفق أحدث حصيلة للجهاز بعد الظهر، لقي 14 شخصا بينهم طفل حتفهم، فيما نقل 25 جريحًا في المستشفى بينهم 11 طفلاً.
أثار الحادث الذي يأتي بعد أربعة أيام من ضربة صاروخية روسية أسفرت عن مقتل 45 شخصًا في دنيبرو بشرق أوكرانيا، مشاعر صدمة كبيرة.
واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مشاركة عبر الفيديو في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا أنه "لا توجد حوادث في الحرب. هذه كلها من نتائج الحرب".
وجدد زيلينسكي الدعوة لتزويد بلاده بدبابات غربية ثقيلة متطورة يقول محللون إنها ضرورية لاختراق الخطوط الدفاعية في شرق أوكرانيا.
وفي إشارة مبطنة إلى ألمانيا التي يدرس زعيمها أولاف شولتس ما إذا كان سيعطي الضوء الأخضر لتزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد، أطلق زيلينسكي "دعوة للإسراع" في اتخاذ القرار.
وقال زيلينسكي أمام الوفود في دافوس "الوقت الذي يستخدمه العالم الحر في التفكير تستخدمه الدولة الإرهابية للقتل".
وجاءت كلمة زيلينسكي بعد إعلان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ في دافوس إن داعمي أوكرانيا الغربيين سيتعهدون تسليمها أسلحة أثقل وأحدث.
وفي هذه الأثناء، أفاد نائب وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية كولين كاهل في واشنطن أن بلاده لم تتوصل بعد الى قرار بشأن تزويد أوكرانيا بدبابات أبرامز الحديثة، لكنه أشار رغم ذلك الى أن الباب لم يغلق حتى الآن بشكل كلي أمام أي تحول في المستقبل.
"الألم لا يوصف"
وكان زيلينسكي قد نعى على شبكات التواصل الاجتماعي وزير الداخلية موناستيرسكي ونائبه يفغيني إينين ووزير الدولة للشؤون الداخلية يوريتش لوبكوفيتش، لافتا أنه أمر بفتح تحقيق في أسباب تحطم المروحية.
وقالت أجهزة الأمن الأوكرانية إنها تدرس جميع الفرضيات، بما في ذلك فرضية "عمل تخريبي متعمد". وعرضت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر على كييف مساعدتها في التحقيقات.
وأظهرت صور لمكان التحطم بقايا المروحية المتفحمة قرب الواجهة السوداء لمبنى سكني، وتحطم سيارة جزئيًا، ومبنى روضة الأطفال المدمر جزئيًا فيما يعمل عناصر الطوارئ على إزالة أنقاضه.
وقال شاب في تصريح لتلفزيون "سولبين" الأوكراني "اتصلت بصديق يعيش هناك. أخبرني أن شيئًا ما قد وقع على الحضانة، وأنه ساعد ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين ستة وسبع سنوات على الخروج واعتنى بهم".
وأضاف "طلب مني القدوم، ساعدنا في إزاحة السيارات للسماح بوصول المساعدة".
وقال كيريلو تيموشينكو نائب مدير الإدارة الرئاسية للتلفزيون الأوكراني "كان الغرض من هذه الرحلة (هو الذهاب) إلى إحدى النقاط الساخنة حيث يدور القتال".
وأفادت مصادر مختلفة أن المروحية كانت متجهة إلى دنيبرو أو إلى منطقة خاركيف (شمال شرق).
واعتبر المسؤولون الأوكرانيون، على غرار رئيس الوزراء دينيس شميهال على تلغرام، أن مصرع وزير الداخلية دنيس موناستيرسكي (42 عاما) يمثل "خسارة كبيرة"، علما أن الراحل محامٍ سابق انضم إلى حزب فولوديمير زيلينسكي.
تعازي من الغرب
واعتبرت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار التي قالت إنها تعرف الراحل منذ فترة طويلة، أنه يمثّل الجيل الجديد من المسؤولين الذين وصلوا إلى السلطة مع تولي زيلينسكي الرئاسة.
وقالت إنه "كان أول وزير للداخلية كان يعطي قيمة عليا للإنسان وحقوقه".
ووجّه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأربعاء تعازيه للشعب الأوكراني، واصفًا موناستيرسكي بأنه كان "صديقًا كبيرًا للاتحاد الأوروبي".
قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ومكتب رئيس الوزراء البريطاني وسفارة الولايات المتحدة على وجه الخصوص تعازيهم لأوكرانيا.
في واشنطن، قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن وزوجته جيل "حزينان على كل من فقدوا هذه المأساة المفجعة".
وأشاد الزوجان الرئاسيان في بيان بالوزير دينيس موناستيرسكي "رجل الإصلاح والوطني"، وقالا إنهما "يفكران في مقتل وإصابة عشرات المدنيين".
وواصلت روسيا التي لم تعلق على الحادث، ممارسة ضغوطها سواء على الجبهة الشرقية في أوكرانيا حيث يحاول جيشها استعادة يد العليا في المعارك، وكذلك من خلال تصريحات الكرملين أو المتحدثين باسمه.
"لا شكوك" لدى بوتين
إلى ذلك أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، أن "ليس لديه شك" بشأن انتصار روسيا "مضمون"، بعد حوالي عام من بدء العملية الروسية على الأراضي الأوكرانية.
وأكد أن روسيا تواجه "نظاما نازيا جديدا" في أوكرانيا، وقال خلال زيارة لمصنع أسلحة في سانت بطرسبورغ إن موسكو ستواصل "مساعدة" سكان شرق أوكرانيا الانفصالي.
وذهب وزير خارجيته سيرغي لافروف أبعد من ذلك مشبّها تصرفات الدول الغربية ضد بلاده بـ"الحل النهائي" الذي اعتمده النظام النازي لإبادة اليهود.
وجاءت التصريحات الجديدة للافروف خلال مؤتمره الصحافي السنوي، وقد قال الأربعاء "تماما على غرار نابليون الذي حشد عمليا كل أوروبا ضد الإمبراطورية الروسية، وتماما على غرار هتلر الذي حشد واستولى... على غالبية البلدان الأوروبية ووضعها في مواجهة الاتحاد السوفياتي، تشكّل الولايات المتحدة الآن تحالفا" ضد موسكو.
وتابع "المهمة هي نفسها: الحل النهائي للمسألة الروسية. تماما على غرار هتلر الذي أراد ان يحل نهائيا مسألة اليهود".
تأتي هذه التصريحات بعد نحو 11 شهرًا من بدء الهجوم في أوكرانيا حيث عانت القوات الروسية من عدة انتكاسات كبيرة في الأشهر الأخيرة.
واستدعت وزارة الخارجية الكندية السفير الروسي للاحتجاج على ما وصفته بـ"تعليقات لافروف المعادية للسامية" وكذلك لإدانة الضربة الروسية الأخيرة على مبنى سكني في مدينة دنيبرو الأوكرانية التي أودت بحياة 45 شخصًا على الأقل.