في قرية الحرانية التابعة لمحافظة الجيزة، يعمل فنانون مصريون على طباعة إبداعاتهم من وحي طبيعة قريتهم على سجاد بديع مزخرف، لا يمكن لمن يشاهده للوهلة الأولى أن يتصور أنه صناعة يدوية، وبمواد طبيعية بالكامل.
في خمسينيات القرن العشرين، أنشأ الفنان المصري رمسيس ويصا واصف مركزا لفنون النسيج والسجاد اليدوي بالقرية، ونقل هذه الصنعة لأبنائها، حتى وجدت إبداعاتهم طريقها لمعارض العالم المهتمة بهذا الشأن.
ويوضح الحاج عامر أبو خميس القاضي صاحب مصنع الحرانية للسجاد اليدوي، أن الأجيال المختلفة أكملت مسيرة واصف "حتى لا تنقرض هذه الصناعة".
وتحدث أبو خميس لموقع "سكاي نيوز عربية" عن الفنانين الذين يمتهنون هذه الحرفة اليدوية، قائلا:
• معظمهم توارث الصنعة أبا عن جد، فالآباء تعلموا الحرفة على يد واصف ثم علموا المهنة لأبنائهم.
• الفنان ينسج القطعة مرة واحدة اعتمادا على ذاكرته في تصور المنظر الذي يريده أن يظهر عليها.
• نعطي الفنان فكرة فقط عن طبيعة النقش المطلوب على السجاد، مثلا إن كانت الرسمة المطلوبة قرية أو منظر طبيعي أو غيره، ثم نطلق له العنان في تخيل النقش وتنفيذه بحرية.
• يتنافس الفنانون في أعمالهم، فكل منهم يريد أن تكون القطعة المنسوجة على يديه هي الأفضل والأكثر إبداعا وجمالا.
• هناك نساء يعملن في هذه المهنة معا بجانب الرجال، وبعضهن يطلبن العمل من المنزل من دون الاضطرار للذهاب للمصنع.
ويوضح أبو خميس أن الحرانية مشهورة بالصناعات اليدوية العتيقة، مؤكدا أن السجاد الذي تنتجه القرية فخم، ومن يشترونه يعرفون قيمته جيدا.
وأضاف: "لا تستخدم أي مواد غير طبيعية. نعتمد فقط على القطن والصوف والأعشاب والأصباغ النباتية، كما تنتج الحرانية السجاد بجميع أنواعه وغيره من المنسوجات اليدوية".
وأكد صاحب مصنع الحرانية للسجاد اليدوي أن "المتر المربع تستغرق صناعته من شهر ونصف إلى شهرين، وبالتالي تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها"، كما "يختلف سعر المتر باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها، وهذه الصنعة لها خبايا كثيرة يعرفها الخبراء فيها".
وتابع: "بعض السائحين يأتون للقرية لمشاهدة المصانع بعد القراءة عن سجاد الحرانية، ويطلبون من الشركات السياحية القدوم من بلادهم خصيصا للقرية"، علما أن "الحرانية صدرت منتجاتها للخارج، وشاركت بمنتجاتها في معارض بالولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية".
لكن حسب المتحدث، فإن "وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع الاقتصادية العالمية أثرت على صادرات القرية، وكذلك على قدرة المعجبين على شراء منسوجاتها الفخمة".
وطالب أبو خميس بدعم هذه الصناعة حتى لا تتعرض للانقراض، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها مصر وعدد كبير من دول العالم، من خلال إقامة المعارض ودعم أصحاب هذه الحرف وتخفيف الضرائب عليهم.