القصة تبدأ من الفكرة وتنتهي بالموت أو بالسجن، بهذه العبارة يبدأ باحثون عن الذهب والدفائن عملهم المخفي تحت ظلمة الليل سعيا وراء فكرة الثراء "المعشعشة” في أذهانهم بالوهم.
الذهب والبحث عنه مراحل وأقسام وطرق يصعب تعلمها بسهولة، ولكن الوقوع في أفخاخها من أسهل ما يمكن، وهي متعددة ومتشعبة فبين أفخاخ تتعلق باستخراج الذهب إلى أخرى تتعلق ببيعه، يقع أغلب المستضعفين والمغلوبين على أمرهم في براثن وهم الثراء.
الذهب في العاصمة عمان
ينتشر باحثون عن الذهب والدفائن في كل بقعة من بقاع الأردن؛ من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، أما فيما يتعلق بالعاصمة عمان؛ فتحتوي على آثار تشهد على مرور حضارات عريقة عليها .
حيث جبل القلعة وسط العاصمة والمدرج الروماني والذي يعد من أشهر المعالم الأثرية، فيما تشير كتابة يونانية موجودة على إحدى منصات الأعمدة إلى أن هذا المدرج قد بُني إكراماً للإمبراطور أنطونيوس بيوس الذي زار عمان سنة 130م.
كما أن هنالك معالم أثرية أخرى تؤكد على أن العاصمة شهدت مرور عصور أزدهرت على تراب أحياء وجبال عمان السبعة، حيث أكد خبراء في مجال البحث عن الذهب والدفائن لـ”الغد” أن من سكنوا العاصمة من الرومان وغيرهم تركوا خلفهم الكنوز في باطن الأرض بكميات لا يمكن التكهن بها أو تحديد مواقعها وكمياتها.
أسرار البحث عن الذهب والدفائن
تواصل مندوب "الغد” مع أحد الباحثين عن الذهب والدفائن، والذي سرد العديد من الأسرار حول كواليس عمله، مشيرا إلى أن كل ما يقوم به يندرج تحت إطار العمل المحفوف بالمخاطر .
وأكد على أن البحث عن الذهب سواء داخل العاصمة عمان أو خارجها موجود ومتواصل وينتشر كانتشار النار في الهشيم حيث يتزايد عدد الشباب الباحثين عن الذهب يوما بعد يوم بشكل ملحوظ.
وروى تفاصيل صادمة عن حيثيات البدء بالبحث عن الذهب في أي منطقة حيث يتم في البداية مسح أرضي بقطر 1 كم لتحديد نقطة بدء الحفر بعد تحديد ماهية الذهب وفقا لعلامات أو رموز تكون بالقرب من المنطقة .
أنواع الذهب والدفائن في الأردن
وحول تحديد نوع الذهب، قال إنه محصور بين نوعين لا ثالث لهما وهما الذهب العثماني والذهب الروماني، حيث كانت الجيوش تترك خلفها الغنائم من الذهب والدفائن في تلك الحقبة الزمنية .
أما فيما يتعلق بالرموز والإشارات التي تكون نقطة البداية لتحديد موقع الحفر فقد روى "خبير” في مجال فك تلك الرموز للـ”الغد” أن من أشهر الرموز التي تدل على وجود قطع ذهبية هو علامات: الأفعى، البومة، الصقر، وهي علامات متعارف عليها بين الباحثين عن الذهب، وخاصة ممن يمتلك منهم الخبرة في هذا المجال.
مراحل البحث والوقوع في الفخاخ
وأشار أحد الباحثين عن الذهب في حديثه لـ”الغد” إلى أن ساعة الصفر لبدء الحفر في الموقع المحدد تترافق مع إجراءات دقيقة وحاسمة وتتطلب الحذر الشديد حيث تكون في الغالب ليلا وبوجود شخص يدعى "طارد الرصد”.
ولفت إلى أنه يتم مراقبة المنطقة لتأمينها، وللتأكد من عدم وجود أي شخص يراقب منطقة الحفر وقبل البدء، يباشر "طارد الرصد” بقراءة بعض الجمل والعبارات ليوهم الحاضرين أنه قام بطرد ما يسمى بالرصد، وأنه منحهم الضوء الأخضر للبدء بعملية الحفر.
المغر والمصائد داخلها
وكشف عن أن هناك العديد من المصائد والفخاخ داخل الكهوف والمغر يجب الحذر منها، وأن هناك مراحل دقيقة لدخول أي كهف حيث يمنع الدخول إليه قبل ساعتين من فتح مدخله كما أنه يجب التأكد من عدم وجود فخاخ بداخله .
أنواع الفخاخ المميتة
ولفت إلى أنه يوجد أنواع مميتة للفخاخ داخل المغر والكهوف التي يتم حفرها لبحث عن الذهب والدفائن ومنها: الفخاخ الكيميائية، والفخاخ الميكانيكية .
أما الفخاخ الكيميائية فتعني وجود غازات سامة داخل الكهف أو المغارة قد تكون واضحة أو غير واضحة حيث يكون بعضها محشور أسفل الصخور وعند وضع القدم عليها تخرج هذه الغازات السامة ويستنشقها الباحث عن الذهب ويفقد الوعي وربما يفارق الحياة إذا لم يتم إخراجه بسرعة .
وفيما يتعلق بالفخاخ الميكانيكية، فتعني وفق التصريحات الخاصة لـ”الغد” وجود سلسلة صخرية داخل الكهف أو المغارة ترتكز على حجر واحد فإذا تم العبث بذلك الحجر تنهار السلسلة بأكملها وربما تؤدي إلى وفاة ذلك الشخص .
ولفت إلى أن الدخول إلى الكهوف والمغر أمر ليس بالسهل ويحتاج إلى خبرة واسعة في مجال الحفر والتنقيب.
طارد الرصد وكواليس لا تصدق!
أما فيما يتعلق بمن يطلق عليه لقب "الشيخ” أو "طارد الرصد” فهو قصة معقدة وتخفي خلفها كواليس صادمة تبدأ من لحظة التواصل مع ذلك الشخص وتنتهي وربما بالقتل أو الهروب بعد الحصول على المال.
أما فيما يتعلق بالمال وتكلفة احضار "طارد الرصد” فقد يصل مبلغ احضاره إلى 10 آلاف دينار أردني في حالة قدومه من خارج الأردن، حيث يقوم بعض الباحثين عن الذهب بالتواصل مع من يسمون أنفسهم طاردي الرصد عن بعد في البداية لوجودهم خارج الأردن ليتم بعدها احضارهم وحجز فنادق لهم ودفع كامل تكلفة الإقامة عنهم .
وكشف عن أنه في أغلب الحالات التي يتم فيها تنفيذ عمليات نصب واحتيال على الباحثين عن الذهب تتمثل بطلب "طارد الرصد” نقودا لشراء البخور المخصص لإخراج الرصد حيث قد يبلغ ثمنه 3 الآف دينار في بعض الحالات وفي النهاية يتبين أنها عملية نصب واحتيال لا أكثر .
وقال إن أغلب النهايات لهؤلاء الأشخاص تكون إما الهروب أو الشجار أو القتل في بعض الأحيان كون "طارد الرصد” لم يصدق في توقعاته التي سردها للباحثين عن الذهب والدفائن.
ضحايا البحث عن الذهب
رغم التحذيرات التي تطلقها الجهات المعنية بضرورة عدم الدخول في متاهات البحث عن الذهب والدفائن إلا أن الكثير يضع كل هذه التحذيرات وراء ظهره ويبدأ بالبحث لينتهي به الأمر إما أمام القضاء أو خسران حياته أو أمواله.
وفي أحدث القضايا بهذا الخصوص ما تم الإعلان عنه مؤخرا عن فاة شاب حيث قامت فرق الإنقاذ المتخصصة في مديرية دفاع مدني غرب إربد وباسناد من مديرية دفاع مدني شرق إربد بالتعامل مع بلاغ يفيد بوجود شخصين تعرضا لحادث انهيار أتربة وحجارة عليهما داخل مغارة بمحافظة اربد .
وتم استخدام أحدث المعدات المتخصصة للتعامل مع مثل هذا النوع من الحوادث والتي كان لها الأثر الكبير في إنقاذ أحدهما والذي أصيب بكسور وجروح ورضوض في مختلف أنحاء الجسم، ووفاة الآخر نتيجة تعرضه لإصابات بالغة في الجسم.
عقوبة التنقيب عن الدفائن
وأوضح أحد المحامين لـ”الغد” أن عقوبة البحث عن الذهب والدفائن تخضع لقانون الآثار لسنة 1988 الذي ينص في المادة 26 منه على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار، وبما يتناسب مع قيمة الأثر، كل من قام بالتنقيب عن الآثار دون الحصول على رخصة بمقتضى أحكام هذا القانون، أو تاجر بالآثار أو ساعد أو شارك أو تدخل أو حرض على ذلك، وكذلك من لم يقدم لدائرة الآثار العامة جدولا بالآثار التي يملكها أو في حيازته”.