نجحت الصين عبر استضافة مباحثات أمنية سياسية، جمعت في بكين مستشار الأمن الوطني السعودي الوزير مساعد العيبان مع مستشار الأمن القومي الإيراني الوزير علي شمخاني، في الفترة بين 6 إلى 10 آذار مارس 2023، وحصيلتها التوصل بين الطرفين السعودي والإيراني، إلى اتفاق يتضمن:
أولاً: إعادة العلاقات المقطوعة منذ كانون الثاني يناير عام 2016، وفتح سفارتيهما لدى العاصمتين الرياض وطهران، يسبقه لقاء بين وزيري خارجية البلدين لترتيب هذه الإجراءات.
ثانياً: تفعيل اتفاقيتي التعاون الأمني والاقتصادي بينهما، الموقعتين الأولى يوم 27 أيار مايو 1998، والثانية يوم 17 نيسان ابريل عام 2001.
العلاقات بين الرياض وطهران، سبق وأن قطعت، بعد الاعتداء على سفارة العربية السعودية في طهران، وتمت هذه الاعتداءات على خلفية إعدام السعودية لرجل الدين نمر النمر المحسوب سياسياً وعقائدياً وأمنياً على إيران.
الخطوة النوعية التي أنجزتها الصين تمت بناءً على رصيد من التفاهمات التراكمية، واللقاءات الأمنية السياسية، التي جمعتهما في كل من العراق عام 2021، وسلطنة عُمان عام 2022، حيث مهدت هذه اللقاءات الطريق وأزاحت العوائق لنجاح اللقاء الهام الذي تُوج في الصين بالنجاح.
نجاح الصين في التوصل إلى الاتفاق السعودي الإيراني، لم ترضَ عنه واشنطن، ولن ترضى، لأنه يتعارض مع المصالح الأميركية التي تسعى إلى: 1- تطويق النفوذ الصيني الذي يتمدد، مثلما تسعى إلى: 2- عزل إيران والتضييق عليها لمصلحة المستعمرة الإسرائيلية.
الصين تسجل نجاحاً في وصل العلاقات السعودية الإيرانية، مقابل فشل واشنطن في مسعاها لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، على الأقل لهذا الوقت.
يائير لبيد، رئيس حكومة المستعمرة السابق علق على نتائج اجتماع بكين قوله:
«الاتفاق بين السعودية وإيران، فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية لحكومة نتنياهو، هذا إنهيار لجدار الدفاع الإقليمي الذي بدأنا ببنائه ضد إيران».
نجاح الصين، يُسجل لرصيدها الدولي وقدرتها على تحقيق مكاسب سياسية، إلى جانب تفوقها الاقتصادي بعد الولايات المتحدة، وها هي تُسجل نجاحاً سياسياً يُعزز مكانتها السياسية على الصعيد الدولي.
الولايات المتحدة تخوض حرباً مزدوجة سياسية أمنية اقتصادية ضد روسيا عبر فرض العقوبات عليها، ومواصلة التحريض عليها، وتزويد أوكرانيا باحتياجاتها وتسليحها ودعمها، مثلما تخوض معركة سياسية اقتصادية ضد الصين، بهدف الحفاظ على تفردها في إدارة المشهد السياسي على المستوى الدولي منذ نتائج الحرب الباردة وانتصارها، وهزيمة المعسكر الاشتراكي وتفككه عام 1990.
إنكشاف سياسة الولايات المتحدة وتعرية مواقفها حتى من ورقة التوت، أنها ضد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، ولكنها تدعم المستعمرة الإسرائيلية التي تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية: فلسطين وسوريا ولبنان، وتعمل واشنطن على ضمان تفوق المستعمرة مقارنة مع البلدان العربية، وحمايتها من أية عقوبات محتملة من المؤسسات الدولية، ولا تشعر بالخجل من الممارسات الاستعمارية الإسرائيلية، الفاقعة ضد حقوق الإنسان، وفي عدم استجابتها لقرارات الأمم المتحدة ولجان حقوق الإنسان وتوصيات مؤسساتها، بل إن منظمات حقوق الإنسان: 1- بتسيلم الإسرائيلية، 2- هيومن رايتس ووتش الأميركية، 3- أمنستي البريطانية، تعتبر ممارسات المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني، الأبارتهايد، ومع ذلك لا تتردد الولايات المتحدة من دعم المستعمرة وتقويتها.
عودة العلاقات السعودية الإيرانية سيكون له تداعيات إيجابية على العديد من العناوين الإقليمية الساخنة بين البلدين، باتجاه حلها والتوصل إلى قواسم مشتركة بشأنها.