ان من اصعب الامور على المرء فقدان الاعزاء الاوفياء الذين يخطفهم من بيننا الموت في صمته المعهود وجبروته الذي لا يستطيع احد ان يرده او يصده او يوقفه "فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" صدق الله العظيم .
بعد مرور أياما قليلة على فراق مساعد مدير المخابرات العامة الأسبق اللواء قاسم الفراية نستذكر أصحاب الهمم العالية صناع التاريخ والحضارة الذين كانوا يعملون بجد وصمت لتبقى شمس الوطن مشرقة ورايته عالية مرفوعة بفضل إرادة وعزيمة أبنائه الأوفياء الشرفاء .
نستذكر بالفخر والاعتزاز أهل التميز وأصحاب المواقف العظيمة التي زرعت حدائق زهور في طريقنا بفكرهم العميق وخبراتهم الناضجة التي انعكست في قوة أدائهم والأرتقاء به نستذكر القامات الوطنية التي كانت بمثابة الدروع المتينة الواقيه لآمن وأمان الوطن واستقراره والذين كانوا يعملون ديدنهم وعيونهم على الوطن والمواطن وقيادته الهاشمية العامرة ولا ينتظرون وساماً ولا مكافأة نهاية خدمة ومنّه من أحد هدفهم أن تبقى راية الوطن عالية والأمن والأمان والاستقرار لأبناء الوطن والكرامة الإنسانية .
كانت المسؤولية دائما أمانه عند المرحوم الباشا اللواء الفراية والأمانة عنده مُصانه ومقدسة عندما كان في مواقع المسؤولية في دائرة المخابرات العامة فعمل وأبدع وأنجز وأحسن الأداء في العمل وبناء قادة عظام من بعده حملوا شعار المسؤولية جباههم عالية ليبقى الأردن واحة الأمن والأمان فجعلوا من الأردن متحف مقدس تحت الأرض وفوق الأرض .
نقول ونحن نستخضر ونخاطب روح المرحوم الباشا قاسم الفراية صاحب المكانه والهيبه في حياته ومماته لأن مثل هذه القامات الوطنية والقيادية لا تموت وإنما أفعالهم ومآثرهم تخلدهم كمدارس تنشر الفضيلة بين الناس فالحمد لله، النافذِ لأمره، الغالب قهره الواجب حمده وشكره ، وهو الحكيم الخبير ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له في الملك والتدبير ، لا رادّ لقضائه ولا معقب لحكمه وهو على كل شيءٍ قدير .
سبحانه وبحمده جعل لكل أجل كتاباً وللمنايا آجالاً وأسباباً، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الهادي البشير والسراجُ المنير صلى الله عليه وعلى آله الأبرار وصحابته الأخيار ما جنّ ليل وبزغ نهار وسلّم تسليماً كثيراً .
ونقول لروحه الطاهرة إن أعظم أنواع الفقد على النفوس وقعاً وأشدّه على الأمة لوعة وأثراً فقدُ القادة العظام من رتب الحكماء والنبلاء والعلماء والشيوخ أهل الأرث الحضاري والحكمة فهم كانوا في حياتهم محطات تنويرية راياتها عالية مشعه بجليل أعمالهم لا يستغني عنها وغيابهم ترك فراغ كبير للناس الذين تعودوا على هذه النوافذ صانعة المجد كشموس ساطعة وكواكب لامعة وللأمة مصابيح دجاها وأنوار هداها بهم حُفظت القيم الإنسانية والتراث والدين وبه حفظوا وبهم رُفعت منارات الملّة وبها رفعوا .
هؤلاء الرجال الحكماء والنبلاء والكرماء هم الذين جمعوا مجدهم في وعاء واحد من القيم الدينيه والثوابت الأخلاقية والأدبية والسلوكية والفقه فاستحقوا رتب الحكماء في مجالس الكبار من الشيوخ التي تزهو وتزهر المجالس بحضورهم فيرتفع المقام والمكان بهم فقد رحل عنّا قامة وطنية مبدعة وقائد فذ في عمله في التخطيط الأمني والاستراتيجي يشار إليه بالبنان لعظمة إنجازاته وعالم من علوم الأدب صاحب إرث حضاري رفيع القدر والمكانة الأصيلة في الفقه العشائري وراعي لمجالس النبلاء والشيوخ .
نم قرير العين يا صاحب المواقف النبيلة فخصالك الكريمة لا يمكن ان تعد أو تحصى ولا يمكن ان يكتبها قلمنا والاحاطة بها لكثرتها وجمالها الأدبي والأخلاقي فقد كنت قيمةً عظيمةً أضاءت حياتنا بالوفاء أيام العتمة الشديدة وسوف تظل تعكس ضياءها طول العمر .
نم قرير العين أيها الحكيم بالقيم الراقية فلقد تركت بيننا من نهل من سمو تربيتك واستمد من كرم أخلاقك الكثير، وكما يقولون لا تموت ذكرى رجل خلف وراءه أنجالاً كراما نهلوا حسن التربية وتزينوا بعظيم الاخلاق من مدرسته وهم لن يتوانوا عن اكمال مسيرتك والتحلي بخصالك الطيبة التي لا ينافسكم بها إلا الرجال العظام أمثالكم وهم كثر الحمدلله تخرجوا من مدرستكم العريقة ومجالسكم ذات الأرث الحضاري والعشائري ممن زهى تاريخ الأردن بها كمنارات في القيم الإنسانية .