نترحم على شهدائها الذين بذلوا أغلى ما يملكون وقائدها الحسين الذي خلد نصرها وتضحيات رجالها بصوته وهيبته وحضوره وشجاعته ، ونستذكر بطولات رجالها ،وصبر الامهات، والثقة بالنصر وكبرياء الجندي الاردني الذي لا يقبل الذل والعار والهزيمة، وانما كان شعاره المنيه ولا الدنية . فقهر بعزيمته الصلف و الغرور و المد الأسود.
لقد استغل العدو الاسرائيلي المتغطرس ما حققه في حرب عام 1967 وحاول ان يستثمر ذلك بنشر الخوف والفوضى، وتحطيم الروح المعنوية وإرادة القتال لدى الاردنيين ، واشاع بأن اهدافه تتمثل بالقضاء على جيوب المقاومة التي لم تكن تمتلك من السلاح الا السلاح الفردي الذي لا يهدد العدو .
الحشود الاسرائيليه غرب النهر وعلى واجهة اربعة محاور قتال تمتد من غور الصافي جنوبا الى الغور الشمالي، تشير الى أهداف أكبر وأبعد ،مما كانت تتحدث عنه دوله العدو والتهيئة النفسية والاعلامية وتشكيل الراي العام ايضا كان ممزوجا بالغطرسة والغرور والاطماع التوسعيه و احتلال اجزاء استراتيجية من الاراضي الاردنية، وخصوصا ٍالمرتفعات التي تسيطر على الغور ،سلة الغذاء للاردن، وتهدد المدن الرئيسية عمان والسلط والكرك واربد فالعدو كان ينوي تحقيق هذا المبتغى ويجعله سلاحا للتفاوض والتوسع باالاحتلال وتحقيق الحلم الصهيوني الكبير .
لقد كانت ساعة الصفر في معركة الكرامه هي ساعة وقف ولجم غرور العدو واطماعه وغطرسته ومده الاسود ووضعت هذه المعركه بكل بطولاتها وتفاصيلها وصبر ابطالها والثقه المتبادله بين الشعب والقياده والجيش والايمان بالله وعدم التنازل عن النصر او الشهاده وضعت حدا للاطماع اليهوديه واوقفت امالهم وطموحاتهم ومرغت انوفهم في ثرى غور الاردن الذي تحول الى محرقه لهم ولالياتهم واطماعهم ، فانكسرت شوكتهم وغرورهم وارتفعت اصواتهم بطلب وقف اطلاق النار ، ولكن دون جدوى وكان القرار من الحسين رحمه الله قائد معركة الكرامة ومن أبناء الجيش وكل الأردنيين بأن لا يتم وقف القتال مادام هناك جندي اسرائيلي شرق النهر .
لقد خسرت اسرائيل في هذه المعركه اكثر مما خسرته في حربها عام 1967 على كل الجبهات فتركت العديد من الياتها وقتلاها في ميدان المعركه التي استمرت اكثر من 15 ساعة من الجحيم الذي يستحقه كل معتد وكل مغرور وكل حاسد حيث تلقى العدو خلالها درسا لن ينساه ابدا واعترف قادته السياسيين والعسكريين بالهزيمة اتي جرعهم اياها فرسان الجيش العربي ووصفوا المعركة التي كانوا يعتبرونها نزهة بانها اشرس معركه يواجهونها مع الجيش العربي الاردني، وان ما لحق بهم خلالها من هزيمه وخسائر، لم تكن متوقعه على الاطلاق .
انها معركة الجيش العربي وكانت معركة جيش صابر مرابط في وجه جيش طامع مغرور متغطرس، وكان الذل والعار له عندما عاد يجر اذيال الخيبه والهزيمه فتحطمت على ثرى الاردن كل اماله واحلامه.
الكرامه دروس وعبر للاجيال ، معركة الارادة والثقه والصبر والتعاون ونكران الذات ، معركة التضحية والشهادة والايثار ، ستبقى صفحة ناصعة في تاريخ الجيش العربي ، وعبرة للاجيال فالتحديات تصنع الابطال والاردن واجه العديد من التحديات بصمود رجاله والتفافهم حول قيادتهم وصبر اهله فتجاوز هذه التحديات وهو اكبر قوة و اراده وتصميماً على المضيء قدما نحو مستقبل مشرق بعون الله و توفيقه.