تستذكر نيروز الاخبارية في اليوم الثالث عشر من ايام شهر رمضان المبارك المفتي العام السابق للمملكة الأردنية الهاشمية، ولقواتها القوات المسلحة ،الشيخ نوح علي سلمان القضاة الذي يُعد أحد أبرز علماء الشريعة في الأردن، وصاحب أثر واضح في تعميم الإفتاء في وحدات الجيش الأردني.
ولد الشيخ نوح علي سلمان القضاة في عين جنا بمحافظة عجلون شمال الأردن عام 1939، وهو أحد أبناء الشيخ علي سلمان القضاة الفقيه الشافعي المعروف في شمال المملكة، والذي حرص على تعليم أبنائه الأربعة العلوم الشرعية على يد أبرز علماء الشام في ذلك الوقت.
ويشار الى انه بعد أن تلقى الشيخ نوح القضاة علومه الأساسية في الأردن، أرسله والده عام 1954 إلى العاصمة السورية دمشق للتعلم في المدرسة الغراء التي أسسها الشيخ علي الدقر، ومكث فيها سبع سنوات، قبل أن ينتقل لجامعة دمشق التي تعلم فيها الشريعة الإسلامية على يد أبرز أساتذتها في ذلك الوقت من أمثال وهبة الزحيلي، وعبد الفتاح أبو غدة، ومصطفى الزرقا، وعبد الرحمن الصابوني، وغيرهم.
سافر إلى القاهرة عام 1977 للحصول على درجة الماجستير في الفقه المقارن، وقدم عام 1980 رسالة بعنوان "قضاء العبادات والنيابة فيها" بإشراف د. محمد الأنبابي.
حصل على درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1986، وناقش أطروحة بعنوان "إبراء الذمة من حقوق العباد" وكان المشرف على رسالته الشيخ صالح العلي الناصر، ثم الشيخ د. صالح الأطرم.
التحق الشيخ القضاة بالقوات المسلحة الأردنية عام 1965، عين مفتيا للقوات المسلحة الأردنية منذ عام 1972، وعرف عنه أنه كان يعين مفتيا لكل وحدة عسكرية لتعليم أمور الدين لأفراد القوات المسلحة وليكون إماما للجنود والضباط في صلاتهم، وأسس كلية خاصة لتأهيل المفتين التابعين للقوات المسلحة.
وبقي في منصبه متدرجا في الرتب العسكرية حتى عام 1992، حيث أنهيت خدماته برتبة لواء. عين بعد ذلك قاضياً للقضاة في الأردن، ثم استقال بعد عام واحد، وتفرغ للتدريس في حلقات علمية في مسجده، وعمل أستاذا جامعيا في الشريعة الإسلامية بجامعتي اليرموك وجرش.
عُين عام 1996 سفيرا للأردن لدى إيران حتى عام 2001، ثم عمل مديرا لإدارة الفتوى في الإمارات.
تولى منصب المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية عام 2007 إلى أن قدم استقالته من منصبه عام 2010، قبل وفاته بشهور.
تنحصر الخبرة السياسية للشيخ نوح القضاة في عمله سفيرا للأردن في إيران عام 1996، وقد كان أداؤه متوازنا وأسهم في تحسين العلاقات بين عمّان وطهران في تلك الفترة.
كما عرف بفتاويه الجريئة وخاصة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية عندما تبوأ منصب مفتي عام المملكة، وكانت بعض فتاواه متناقضة مع رغبات المسؤولين الحكوميين، مما منحه شعبية كبير في نفوس الأردنيين.
أصدر الشيخ القضاة -ومنذ تعيينه مفتيا بالقوات المسلحة عام 1972- آلاف الفتاوى لأسئلة تهتم بكل جوانب الحياة، نشرت في المجلة الإسلامية للقوات المسلحة بعنوان (التذكرة) بالإضافة إلى محاضرات ومؤلفات ومقالات حول موضوعات متنوعة وفي شتى مجالات الحياة.
ومن أبرز مؤلفاته: محاضرات في الثقافة الإسلامية، المختصر المفيد في شرح جوهر التوحيد، شرح المناهج في الفقه الشافعي، لم تغب شمسنا بعد، صفات المجاهدين.
توفي الشيخ القضاة يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2010 بعد صراع مع المرض، وشيع جنازته آلاف المواطنين من مسجد بلدة رأس منيف إلى مقبرة البلدة في محافظة عجلون.