لاشك أن طريقة تفكيرنا ونظرتنا لكثير من المهن وتقبلها بل الإقبال عليها اختلف عما كان من جهة منظور أجدادنا عيبا ونقصا من الرجولة في بعض الأحيان ، تحديدا أجدادنا نحن أبناء الريف و البادية، على سبيل المثال مهنة الطبخ رسميا كمهنة، بل كانوا يتجنبون دخول المطبخ والتدخل فيما يعتبر من تخصص إناث العائلة حصريا.
أول مرة رأينا على شاشة التلفزيون الشيف رمزي في برنامج صحتين وعافية في رمضان زمان، وكنا لا نعرف معظم ما يطهي من أطعمة وعلى الأغلب نسمع بها لأول مرة أو لا نمتلك في بيوتنا ولا حتى في دكان قريتنا مكونات ما يقدمه من وصفات، أذكر في حلقة من البرنامج عندما قلى موز لإعداد طبق حلوى فعلقت جدتي :يقطع طاريكم ما أكثر "هولاتكم".. حدا يطبخ موز.
كنت أستغرب نفور الرجال من الطبخ وفي ذات الوقت أراهم في الأعراس يلزمون طبخ اللحم في قدور كبيرة دون النساء اللواتي توكل لهن مهمة طبخ الأرز وخبز الشراك، عندما استوضحت من جدتي لماذا يطبخ الرجال اللحم في هذه المناسبات الكبيرة ولسن النساء؟! قالت : عشان ما ينقص اللحم.. لو طبخت الحريم.. كل شوي يذوقن وكل ما يدخل عليهن حدا يطعمنه، وهذه حصة برغيف لفلان مريض،وهذه لفلانه مخلفه وفلانه تتوحم، وكل مرا تتناول من هذا القدر قطعة لأبنها وقطعة لأبن أختها وأخوها.. الخ الخ .. يعني ما يخلصن طبخ إلا اللحم مايستر الوجه....عشان هيك طبخ الرجال في هكذا مناسبات يعتبر من باب الحرص و الحراسة... وقد لا يبتعد هذا الرأي عما قاله الجاحظ رحمه الله في باب تفوق رغبة الإناث على الذكور في الطعام حيث قال" إن دوام الأكل في الإناث أعم منه في الذكور، وهن يناسبن الصبيان في هذا الوجه وكثرة معاودة الطعام"
تقول جارتنا أم علي مرة في واحد ذبح لضيف عنده.. وظلت مرته تذوق وتذوق ولادها.. لما اجوا يحطوا الغدا و إذا الأم وولادها ماكلين الجدي وهو على النار.. مستوى مو مستوي.. قام الزلمة وذبح ذبيحة ثانية ودبها بلبن الجدي الأول...
طبعا الآن تغيرت نظرتنا ونحترم هذه المهنة ولن يسمع أقلها من يساعد زوجته في المطبخ تأنيب ختيار من ختيارية زمان... يازلمه اطلع جاي.. وش تساوي قاعد تحوس بين" أدين" النسوان بالمطبخ... زمن أول تولى.. عليّ النعمة لو جدي عايش و"زقط "حدا من قرايبه يطبخ مع زوجته كان" البين طسه"... الأعمال المنزلية كلها لم تكن من شأن الذكور..عدا عمل القهوة العربية من ألفها إلى يائها...