عمّان- بينما يقطن في الأردن قرابة 400 ألف طفل دون سن السابعة، إضافة للاجئين من مختلف الجنسيات، توليّ وزارة التربية والتعليم أهمية كبيرة لدعم الطفولة المبكرة في مرحلة رياض الأطفال، إلا أن الإمكانات المتاحة تفوق الاحتياجات.
إذ يوفر القطاع العام فرصاً للنمو والتطور لقرابة 35% فقط من الأطفال في مرحلة رياض الأطفال الثّاني، فيما يوفر القطاع الخاص فرصاً لنحو 30% من الأطفال في عمر خمس وست سنوات. أما في مرحلة رياض الأطفال الأول، فلا مجال لدى وزارة التربية والتعليم حالياً لخدمتهم، بينما يستوعب القطاع الخاص قرابة 30 % من الأطفال.
مما يعني أن قرابة 140 ألف طفل في مرحلة رياض الأطفال الأول، وقرابة 70 ألف طفل في مرحلة رياض الأطفال الثاني خارج نظام التعليم الخاص والعام، وبدون أي فرصة لدعم مراحل النمو المبكر لهم من مهارات حياتية واجتماعية ونمائية وذاتية أساسية، وأدوات تواصل.
هذا الواقع كما ذكر؛ يشمل الأطفال اللاجئين أيضاً، فعلى الرغم من الدعم المقدم من قبل ميزانية وزارة التربية والتعليم المحدوية، والجهود الّتي تبذلها العديد من المؤسسات الدولية والمحلية، لرعاياها الأطفال من الجنسيات الأخرى إلى جانب الأطفال الأردنيين، إلّا أن مؤشرات الأداء لإدماج الأطفال من جنسيات أخرى بالتعليم الرسمي "ليست مقبولة".
يصاحب ذلك؛ سوء التحصيل في مهارات التواصل الأساسية والتي تقبع في مستويات متدنية لجميع الأطفال الأردنيين وغيرهم، وهو ما يؤشر إليه تقرير وزارة التربية والتعليم لنتائج المسح الوطني ضمن برنامجي EGRA وEGMA للقراءة والحساب، لعامي 2021 و 2022، إلى أن أقل من 11% من طلبة الصف الثاني وأقل من 40% من طلبة الصف الثّالث "يفهمون ما يقرأون".
من هنا، وفي إطار أهداف استراتيجية التعليم في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وبالشراكة مع أكاديمية ابن رشد الدولية، أطلقت المنظمة مبادرة للتعليم المدمج غير النّظامي للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، لتواجه ليس فقط التحديات الأكاديمية التربوية النمائية للأطفال فقط، بل لتعزز عبر أنشطتها والتي تهدف إلى التركيز على إكساب المهارات الحياتية بسن رياض الأطفال، بما يسهم في تشكيل كينونتهم، ويحقق المزيد من الاندماج مع محيطهم الثقافي والاجتماعي، والعمل على ضرورة الوصول إلى التعليم الجيد لجميع الأطفال بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة المرحلة الأهم في بناء شخصية الطفل وقدراتها التحليلية وإدراكه للعالم من حولهم.
وتأتي هذه المبادرة والتي تستهدف أطفالاً أعمارهم بين (4-5 سنوات) من الجنسيات الأردنية والصومالية والسودانية واليمنية وتشتمل على ثمان عشرة حصة تدريبية ضمن مشروع "الاستثمار في المستقبل" في النهضة العربية، للإسهام في تعزيز فرص جميع فئات المجتمع، بما يشمل أطفال اللاجئين في مرحلة التعلم بالتعليم الجيد والنوعي، لتطوير قدراتهم للانخراط في سوق العمل لاحقاً وتحسين سبل العيش لهم من خلال تأسيس بيئة تعليمية شاملة، تسعى إلى توفير الموارد والوسائل التعليمية المحفزة، وضمان أسس الحماية للأطفال، بالشراكة مع جميع محاور العملية التعليمية بدءاً من الأسرة والطالب نفسه، وجميع الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية.
بدوره، قال المدير التنفيذي لأكاديمية ابن رشد والخبير التربوي، فؤاد المجدلاوي، "أن أكاديمية ابن رشد الوطنيّة، وهي إحدى مدارس "عالم البكالوريا الدولية"، وبالتعاون مع عدد من المنظّمات، منها منظّمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية ومؤسسة رواد التنمية و دائرة الشؤون الفلسطينية، أطلقت مبادرة للتعليم المدمج غير النظامي، سعياً لدعم الأطفال خارج منظومة التعليم نمائياً، واجتماعياً، ونفسياً، وبدنياً، وأكاديمياً.
وبحسبه، ستضمن المبادرة خلال المرحلة التجريبية، استهداف الأطفال إلى وحدة دراسية تم تطويرها خصيصاً، وفق معايير برنامج السنوات الابتدائية لمنظّمة البكالوريا الدولية، والتي تبحث في الطّرق الّتي يكتشف فيها الأطفال أنفسهم ويعبرون بها عن أفكارهم، ومشاعرهم، وتقديرهم لما هو جميل، وعما يستحق التركيز عليه في حياتهم، وكيفية تطوير رفاهههم، وإيجاد عقلية نمائية وإيجابية لديهم تعينهم على التعامل مع تحدياتهم، إلى جانب دعم اكتسابهم مهارات اللغة العربية، اللغة الأم لدى الأطفال المشاركين.
فيما أثنى مجدلاوي على جهود منظمة (أرض) واهتمامها بالأطفال الأردنيين ومن الجنسيات الأخرى وخاصة اللاجئين في الأردن لضمان وصولهم إلى تعليم نوعي، ونبه إلى ضرورة تطوير أنظمتنا التعليمية ومواكبة التغيرات وامتلاك الأدوات الحديثة للتعامل معها والانفتاح على أساليب التعليم الجديدة، وصولاً إلى تعليم مبني على الفهم وحل المشكلات، والتفكير الناقد، والتحليلي.
من جهتها، أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض)، سمر محارب، دور هذه المبادرة في إتاحة الفرصة للأطفال وخاصة الأقليات من اللاجئين الذين يعانون التهميش والفقر، لاكتساب مهارات حياتية تتيحها برامج البكالوريا الدولية باللغة العربية وأدواتها وأساليبها من تفكير نقدي وبحثي وإبداعي لتنشئة جيل واثق من نفسه وأكثر قدرة على الاندماج في سوق العمل، وتخطي تحديات الفقر والتهميش والنزاعات التي تعتبر من أبرز العوائق أمام تعليم اليافعين والأطفال، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الدراسة وتفشي ظاهرة التنمر والعنف المدرسي، مع الأخذ بعين الاعتبار فروقات النوع الاجتماعي والإعاقة، مما يؤدي إلى تحديات مستقبلية للانخراط في سوق العمل.
وبينت محارب في ذات السياق، أن هذا ما يسعى إليه البرنامج التعليمي في منظمة النهضة "الاستثمار في المستقبل"، الذي يهدف إلى جانب توفير تعليم يهيئ لدخول سوق العمل منذ الصغر، دعم الناشئة حديثي التخرج عبر توفير فرص تطوير مهني لهم من خلال تطبيق برنامج الأنشطة المرافقة لمرحلة التعلم، ورفع كفاءة جاهزيتهم للمستقبل المهني في حياتهم.
الجدير ذكره؛ أن أكاديمية ابن رشد الوطنية، صرح أكاديمي يضم مدرسة ومركز أبحاث تربوي ومعهد تدريب إقليمي، يساهم في دعم العديد من مبادرات تطوير التعّليم في الوطن العربي وهي أول مدرسة عالمياً تعتمد لتدريس برنامج البكالوريا الدولي في السنوات الابتدائية باللّغة العربية.
وبموجب مذكرة تفاهم بين النهضة العربية (أرض) وابن رشد، يسعى الطرفان إلى توفير ضمان تعليم جيد وعادل وشامل للجميع، تحقيقاُ لأهداف التنمية المستدامة، لما له من أثر في حياة الأطفال لضمان مستقبل كريم ومشرق لهم.