في نظرة تحليلية متفحصة للأحوال الاقتصادية التي نعيش يُلحظ الارتفاع المطرد للأسعار ليس بالجديد لكنه يضرب جذوره لأكثر من عشرين سنة رافقه تآكل في الرواتب والأجور وتراجع في مستوى المعيشة وتضخم في الأعباء التي أرهقت كاهل المواطن بسبب التضخم فاق أكثر من 50 %،حيث يواجه المواطن ظروفا صعبة خلال العام الحالي بصورة أشد من التي عانى منها خلال الأعوام المنصرمة لعدة أسباب، أهمها ارتفاع مضطرد على أسعار المحروقات وأسعار الأغذية والحاجات الأساسية بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج وكلف الاستيراد والضرائب والرسوم والجمارك وغيرها ، وما نتج عن ذلك من زيادة للأعباء المعيشية وتفاقم أثار التضخم وأثار الفقر من سوء التغذية والأمراض المزمنة والنفسية واتساع فجوة البطالة دون زيادة في رواتب الموظفين للقطاعين العام والخاص، العاملين والمتقاعدين منذ عقدين.
بحجم الفرح المنشود يتساءل مواطن هل وضعت الحكومة أهداف إستراتيجية حقيقية وواعدة للخروج من قاع الزجاجة؟ لمواجهة تلك الأوضاع السيئة المتراكمة التي لا تخفى على أحد كبيراً وصغيرا سائلاً ومسؤولاً والحد من انعكاساتها على المواطنين والقطاعات المختلفة، والتي تحتاج إلى إجراءات استثنائية وإن كان بعضها قد يأتي على حساب إيرادات الخزينة وارتفاع عجز الموازنة اعتمادها على المديونية الداخلية والخارجية المركّبة والمتفاقمه علي الوطن الحزين!
بحجم الفرح الموعود هل قيّمت وشخّصت الحكومة آفة الترهل الإداري الوظيفي وارتفاع وتيرة الفساد الممنهج الظاهر والمقنع والخفي لمعالجة تداعياته الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية المشؤومة والسوداوية بالإضافة لتراجع أداء الفريق والادارة الحكومية غير الرشيدة وغير الرشيقة، التي تتذرع بها الحكومات المتعاقبة متفائلة بتوقعات تحسن اقتصادي وهمي ينعكس على باقي القطاعات في الوطن دون تحقيق المأمول من النتائج المتوقعة َوالمفرحة وعلى وعد الايام الجميلة والفرِحة السعيدة لم تأتي بعد... ربما تأتي لكن بعد فوت الأوان، فالنظر إلى الجزء الفارغ من الكأس دون الممتلئ هو قبلة الرؤيا للمواطن لأنه لم يبقى شيئ في هذا الكأس يملأه !
بحجم لون وطعم الفرح هل بات الاقتصاد الوطني بمنأى عن التحديات الصعبة وغير المسبوقة الاي تفاقمت هذا العام وتتفاقم بسبب الانعكاسات السلبية للأزمات الصراعات العالمية والعربية والاقليمية خاصة الأوكرانية الروسية والسودانية ، والفترة المتبقية من هذا العام في والتي ستكون الأصعب على الوطن والمواطن بسبب الانكماش اقتصادي العالمي غير مسبوق وارتفاع قياسي للديون والأسعار والتضخم.
بحجم هذا الفرح هل اعدت الحكومة التي أدارت ظهرها للمواطن لقرارات وسياسات إستراتيجية وجريئة وذكية ، مثل تخفيض ضريبة المبيعات والضرائب الأخرى واستمرار الدعم المباشر وغير المباشر للفئات الفقيرة ومنخفضة الدخل، وتحفيز القطاعات المختلفة وتحفيز ودعم الاستثمار الحقيقي والاستقطاب الذكي للمشاريع الكبرى والمحافظة على توفير وتأهيل الأيدي العاملة الفنية والإدارية والمالية والتكنولوجية واستحداث ودعم برامج التشغيل لتوفير فرص عمل ولو مؤقتة، واعادة تكوين الطبقة الوسطى الموؤدة مما يضطر البنك المركزي الأردني إلى الاستمرار بزيادة أسعار الفائدة إن بقيت أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع،واعادة النظر من الإسراف والتبذير في الانفاق الحكومي .
بحجم الفرح المأمول هل وضعت الحكومة خطة صادقة ومسؤولة لإعادة الثقة الشعبيه بها وبمؤسسات الدولة من خلال اعادة الرضى عنها وعن ادائها وفريقها الوزاري؟ كل ذلك ويزيد هل يجعل المواطن يعبّر عن الفرح بحجم القرح وبحجم الألم وبحجم الفقر وبحجم القهر، وبحجم العوز،وبحجم الوعود الافتراضية الهشّة المُخدرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع هدفها ذرّ الرماد في العيون التي تتمنى وتشتهي يوماً ان تدمع بالفرح في حدود الوطن لا للفرح بالرقص على جراحه، قد يفرح الشعب سَكراً لينسى ألمه متفائلاً بأمله !