قال الكاتب والإعلامي محمد محسن عبيدات مدير إقليم الشمال لوكالة نيروز الإخبارية أن العنف الأسري أصبح اليوم آفة خطيرة في المجتمعات المحلية ، ولم تسلم منها حتى الدول المتقدمة ، ومن أهم أسبابها البطالة و الآفات الاجتماعية الأخرى ، والضغوطات النفسية ،وضعف النازع الديني والأخلاقي وتدني المستوى العلمي والثقافي، و ضنك الحياة وقلة الخبرة وعدم القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه الاسرة من باب ، ومن باب آخر يعتقد الكثير أن ممارسة العنف في الأسرة على أي شخص يعتبر حلا جذريا للمشاكل ، ووسيلة لفرض السيطرة والهيبة وكسب احترام الآخرين ، وساهم ذلك بشكل كبير في إصابة الأسر بالإحباط واليأس والشعور بالخوف والإحساس بعدم الأمان، وكل ما ذكر يمكن السيطرة عليه أو التخفيف منه بتكاتف الجهود ما بين المؤسسات الإعلامية والتربوية والاجتماعية والأمنية والثقافية والدينية والنفسية و بخطط وبرامج استراتيجية وبحلول عصرية.
جاء ذلك خلال حديثه في ورقة عمل ضمن فعاليات مؤتمر التفكك الأسري وآثاره الاجتماعية والذي جاء تحت عنوان " تحديات وحلول " وأقيم في ديوان الشيخ وليد الخضير بمحافظة إربد .
وبين عبيدات أن الإعلام اليوم وتحديدا الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي تعد من أقوى الجهات المؤثرة في دورة الحياة الاجتماعية، بسبب توسع شبكة الإنترنت في العالم التي جعلته أشبه ما يكون بقرية صغيرة، وأصبح كافة سكان العالم يعتمدون على شبكة الإنترنت في الاتصال والتواصل وجمع المعلومات والبيانات وتناقل الأخبار، والتعرف على هوية وثقافة الشعوب وغير ذلك من مزايا جعلت الإنسان أسير هذه التكنولوجيا لا يستطيع الخلاص منها بأي حال من الأحوال.
وأشار عبيدات إلى أن الصورة النمطية الدارجة عن وسائل الإعلام بأنها ناقل للأخبار انتهت منذ بداية القرن التاسع عشر، وأصبحت اليوم وسائل الإعلام تعد مؤسسات ثقافية، تنتج مواد إعلامية ثقافية تعزز الهوية والثوابت الوطنية والدينية والأخلاقية والقيم الإيجابية والمواطنة الصالحة وحقوق الإنسان، و تتصدى للآفات الاجتماعية والظواهر والسلوكيات السلبية والتضليل الإعلامي، وكذلك تقوم المؤسسات الإعلامية على مواكبة الأحداث أولا بأول وتقدم قراءة تحليلية دقيقة و واقعية حول مختلف المواضيع والقضايا.
وبين عبيدات أن دور الإعلام في الحد من ظاهرة العنف الأسري يتمثل في مد جسور التعاون والتشارك ما بين وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية والأهلية صاحبة الاختصاص، والعمل معا ضمن خطط وبرامج واضحة الرؤية و الأهداف تنسجم مع الخطاب الإعلامي، وتتمتع بالقدرة على الوصول لكافة المواطنين بكل سهولة ويسر . و إنتاج مواد برامجية ثقافية تفاعلية تسهم في اكتساب المعرفة الحقوقية والقانونية حول ظاهرة العنف الأسري والتصدي لها، وتتيح للناس التواصل والسؤال والاستفسار، وتبث على نطاق واسع ما بين الحين والآخر. و إنتاج مواد برامجية فنية (مسلسلات، أفلام، مسرح، أغاني) تسهم في اكتساب المعرفة الحقوقية والقانونية حول ظاهرة العنف الأسري والتصدي لها، وتعزز دور الأسرة المثالي في البناء والتنمية ورقي وازدهار المجتمعات. و دراسة المضامين الإعلامية والفنية للمواد الإنتاجية المستوردة وعدم عرضها إلا بعد التحقق منها، فمنها ما يتناقض مع ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا، وتشجع على التفكك الأسري من باب حرية الحياة. بالإضافة إلى عدم بث أي محتوى إعلامي عنيف فيه إساءة للنساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة وأي فرد من أفراد الأسرة، وتشديد الرقابة على أي تجاوزات من قبل أي جهة كانت، بكل موضوعية وشفافية. و التفاعل مع المؤسسات التعليمية والتربوية مثل (المدارس والمعاهد والجامعات) والدينية مثل (المساجد والمراكز القرآنية) والثقافية مثل (الهيئات والجمعيات الثقافية)، والرياضية والشبابية مثل (الأندية والمراكز الشبابية)، لإقامة الندوات والمؤتمرات والمحاضرات وورش العمل والتأكيد من خلالها على الجانب الإنساني والديني والأخلاقي حول ظاهرة العنف الأسري، وغرس الثقة في نفوس الأطفال والنساء، و مدهم بالسكينة والطمأنينة. و تسليط الضوء على أسر نجحت في التصدي لظاهرة العنف الاسري و تجاوزتها، بالتعاون مع اختصاصيين في علم النفس وعلم الاجتماع وبالتعاون مع الشرطة المجتمعية والتنمية الاجتماعية وأصبحت قصة نجاح ومثالا يحتذى.
واختتم عبيدات أن المؤسسات الإعلامية حتى تنجح وتحقق الهدف المرجو منها لأي سبب كان، لا بد من مد جسور التعاون والتشارك ما بينها وبين المؤسسات الرسمية والأهلية صاحبة الاختصاص، والعمل معا ضمن خطط وبرامج واضحة الرؤية والأهداف تنسجم مع الخطاب الإعلامي، وتتمتع بالقدرة على الوصول لكافة المواطنين بكل سهولة ويسر، والتركيز من خلالها على المواد البرامجية التفاعلية التي تسهم في اكتساب المعرفة الحقوقية والقانونية حول ظاهرة العنف الأسري والتصدي لها، وتتيح للناس التواصل والسؤال والاستفسار.