حدثني والدي رحمه الله عندما كان يخدم في الحرس الوطني أنذاك، أن وصفي التل رئيس وزاء الأردن رحمه الله وأثناء ذهابه مع سائقه إلى مكتبه في رئاسة الوزراء، شاهد إمرأة على طريق البقعة ومعها ابنتها تحاولان رفع كيس القمح الذي سقط من فوق الحمار للذهاب إلى المطحنة. فنزل رحمه الله من السيارة وساعدهما في تحميل شوال القمح على الحمار. وتجاذب الحديث معها وماذا تحتاج..؟ . فقالت: أحتاج ماكنة خياطة لأترزق منها واطعم ابنائي… فوعدها خيرا… وعندما وصل رئاسة الوزراء، اتصل بوكيل ماكنات سنجر في عمان واشترى ماكنة الخياطة.. دينا من جيبه الخاص وأرسلها للمرأة لبيتها... رحم الله وصفي التل ورحم زمانه ورجالات الوطن الأوفياء المخلصين الأولين.
ما أحوجنا إليك أيها الغائب الحاضر؛ شهيد الوطن والواجب؛ وأنت مدرسة خالدة يجب أن تفتح أبوابها مشرعة ليستقي منها هذا الجيل الذي خدرته نغمة الحداثة وموجات التقليد وغرق في موجة الفساد والإفساد؛ يجب أن تدرس سيرتك يا وصفي في المدارس الأردنية؛ فأنت الأنموذج الحي في ضمائر الأحرار من شعبنا الطيب؛ بعد استشهادك حاول الصعود على سيرتك وإرثك الكثيرين؛ لكن شتان بينك وبينهم؛ ومهما تحدثت لن أوفيك حقك في الحديث. وصدق والدك رحمه الله مصطفى التل- عرار- القائل: ودرب الحر يا وصفي كدربك غير مأمونة..!. أحببناك دون أن نراك؛ لكن ارثك ومدرستك في الوطنية نقلها لنا أباؤنا وأجدادنا وحفظناها عن ظهر قلب… ولهذا لم تغادر ذاكرة الأردنيين وما زلنا ننتظر بعضا منك لعل وعسى… ففي معمعة الأوطان تلاشى كل جميل… وأصبحنا نعيش زمناً صعباً ما كان لو كنت بيننا… كنت وفيا لأهلك ووطنك، فشاركوك الوفاء… رغم السنين والاعباء والانواء… سلام لظلك بيننا يا شمس اربد وحوران؛ سلام على التل وجيران التل ؛ سلام لوطن انجب أمثالك. ولا نامت أعين الجبناء.