تتزين عمان صباح كل يوم بخيوط الشمس الواقعة على كل زواية من زواياها وعلى بيوتها ومنشآتها وبساتينها وأزقتها وآثارها، ناشرةً بشرى الفرح والأمل والرجاء بِغَدٍ أفضل ننعم به وينعم به أبناؤنا الذين يتطلعون إلى ما نقدمه لهم من تضحيةٍ وبذلٍ وعطاءٍ ليكمِلوا هم بدورهم مسيرة الآباء والأجداد في مسيرة النهضة وبناء الأردن الحديث، الذي غدا قبلة العرب وقبلة الزائرين والسواح والحجاج من كل حدب وصوب، والآتين إليه لإكتشاف كنوزه الأثرية والتاريخية والبيئية والسياحية والإنسانية والدينية.
فالأردن يزخر بالعديد من المزايا الفريدة التي تجعل منه مقصداً عالمياً ولا سيما أنه يتمتع بنعمة الأمن والأمان والإستقرار، والتي رسختها قيادتنا الهاشمية المظفّرة بقيادة جلالة مليكنا عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، والتي تُعتبر العامل الأساس في تطوّر مسيرته الإصلاحية في كافة نواحي الحياة ومنها الإقتصادية، لتفتح أبواباً ريادية لجيل العصر الجديد، جيل الرقمنة، اللامع والتوّاق إلى بناء ما توّصل إليه العلم الحديث من تطور مذهل أربك الجيل القديم فأصبح البعيد قريباً، وأصبح المستحيل ممكنا، وأصحبت الحياة أكثر يسراً وأقّل عناء، وأما مستقبل التطوّر العلمي فلا حدود له.
ففي جولة صباحية مبكّرة، وعلى أنغام فيروز إيقونة الشرق بصوتها الرخيم وغنائها البديع، قمت بجولة في مركبتي الخاصة في صبيحة عيد الأضحى المبارك، طفت بها عمان من غربها إلى شرقها متأملاً في جنباتها وشوارعها وجمالها وإستذكارَ كيف كانت عمان في بداية القرن العشرين عندما كان "علمك بعمان قرية" ومساحتها لا تتعدى 2-3 كيلو متر مربع وسكانها من 2000-3000 نسمة إلى عمان الكبرى والتي وصل عدد ساكنيها 4 مليون نسمة، واستطاعت بسعة صدرها وحبّها أن تحتضن كل من قصدها ودخل بابها وأن تمنحه الحبّ والأمان والأمل بغد مشرق ومستقبل أفضل.
طبعاً، هذا ليس من فراغ، فهناك جهود كبيرة بُذلت وتبذل في سبيل الأفضل دائماً، وليس التطور الحاصل لدينا وليد صدفة، وإنما سبقه جهود كبيرة وخطط جمّة وإستراتيجيات جعلت من عمان عاصمة يشاد إليها بالبنان، متطلعين دائماً إلى ما هو أفضل وإلى السعي الدائم في التطوير والتحديث والتعّلم من خبرات الماضي لتمضي عمان ونمضي معها إلى المزيد من التطوير والتحديث والجمال.
وأجمل الجمال هو جمال أهلها وناسها الطيبين العابقين بحب عمان وحب الأردن والإستعداد للعمل ليل نهار في سبيل الحفاظ على هذا الإرث الكبير الذي نفخر به ونحافظ عليه مهما كلفنا ذلك من تضحية وكفاح.
فما أجمل ما لدينا! وعلينا دائماً أن نتحلى بالروح التي تبني وتعلّي الدار لبنة لبنة وحجراً حجراً، فلن يَبنِ البيت إلا سواعد أهله وهممهم العالية.
وأردننا يزخر بالعديد من المنتمين لثرى هذا الوطن الأعز ولقيادته الهاشمية المظفرة، لنكمل مسيرة البناء، ونسير في نهج النهضة التي رسمت خيوطَها ثورتُنا العربية الكبرى، فننعمَ بمسيرة التحديث والتطوير الضرورية لنواكب التطور في كافة نواحي الحياة، محافظين على مورثنا الثقافي والديني الأصيل المبني على قيم المحبة والأخّوة والتسامح والكرم والأصالة والعدالة والمساواة، في وطن بناه الهاشميون وأصى به الراحل العظيم جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بأن نحافظ عليه، ًفالأردن أمانة في أعناقناً. ويقوده اليوم ملكينا المعظم عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين المعظم، ليواكب التطور العلمي والتقدم في كافة مناحي الحياة.
في صبيحة عيد الأضحى المبارك ومن قلب العاصمة عمان نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية وولي عهده الأمين والى الأسرة الهاشمية الكريمة وإلى الأمتين العربية والإسلامية، ضارعين إلى العلي القدير أن يحفظ بلدنا الأردن وشعبَنا الأبي الساعي دوماً للخير والبركة.