يعيش الكوكب الأزرق ومنذ عقود مشاكل بالجملة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية وموجات الجفاف والفيضانات والأعاصير وندرة مياه الشرب. ومع تزايد الساكنة العالمية ونشاط المجال الصناعي وحركة الملاحة البحرية والجوية وتزايد عدد المركبات يتزايد انبعاث الغازات السامة، الشيء الذي يجعل من حياة الإنسان تسوء أكثر.
ينبه الخبراء، والناشطون في المجال، إلى أن كوكبنا ليس على المسار الصحيح، بسبب الاحتباس الحراري، بينما تتسارع جهود الدول لتوجيه الاقتصاد العالمي للوصول إلى القضاء على الانبعاثات، وتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
كما عرف مؤتمر المناخ "كوب 27" الذي احتضنته شرم الشيخ بمصر، انضمام فرنسا وإسبانيا إلى التعهد الذي يقضي بحظر مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين بحلول عام 2035، أي قبل خمس سنوات مما كان مخططا له. ويبلغ إجمالي عدد الموقعين على هذا التعهد إلى اليوم، 214 جهة، مقارنة بـ130 قبل عام من الآن، في مؤشر على تزايد الوعي بالمخاطر.
كما يعترف الكثير من المختصين، بأن هناك إقرار فعلي بصعوبة إزالة الكربون من الطيران والشحن، لكن التحكم في الانبعاثات المنخفضة للمركبات الصغيرة المستخدمةٌ على نحو جيد ممكن، والجهود تتوسع كل يوم بالتوجه نحو استخدام الطاقات النظيفة.
وقد أظهرت بيانات صادرة عن العديد من المؤسسات أن السنوات القادمة ستعرف أرقاما قياسية لمبيعات المركبات عديمة الانبعاثات. وهو الأمر الذي سيخفف من معاناة الكوكب ولو جزئيا، في انتظار قرارات جديدة فيما يخص المركبات الكبيرة والمصانع ورمي النفايات والإشعاعات. ويبدو التحرك في هذا الاتجاه حاسما وفق خبراءَ بيئيين، فقد تضاعفت الانبعاثات الناجمة عن قطاع النقل بأكثر من الضعف منذ عام ألف وتسعمائة وسبعين، وتسببت المركبات في نحو ثمانين في المائة من هذه الزيادة، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ولتحقيق الأهداف المسطرة أُطلقت رسمياً مجموعةٌ دولية باسم "التعجيل إلى الصفر"، ووفرت المجموعة منصة لضمان عدم تخلف أي دولة عن الوفاء بتعهداتها بالتوجه نحو المركبات ذات الانبعاثات الصفرية في المواعيد المحددة والمعلن عنها في الاتفاقيات السابقة.
إلا أنه خلال العقود الأخيرة صار لزاما على الأفراد والدول معاينة التغير المناخي بالشكل الفعلي والمعقول، إذ أن هناك وجود إدراك فعلي من دول العالم لخطورة تغير المناخ، وكيف أن أنماط التصنيع والتنمية التي اتبعت أودت بالعالم إلى هذا الوضع الحرج والمقلق، سواء تعلق الأمر بتضرر التنوع البيولوجي والطبيعي أو الجفاف أو غيرها من الظواهر الطبيعية الغريبة.
إن هذا الواقع الجديد يدفع بنا بلا تأخر عن التوجه نحو أنماط استهلاك وتنمية جديدة تراعي البيئة وتقلل الأضرار، بينما علينا طرح المزيد من الأسئلة حول نجاعة بعض القرارات والاتفاقيات، ومدى استعداد المجتمعات لتغيير أسلوب حياتها، كاستعمال وسائل نقل عامة ذات طاقة نظيفة للحد من انبعاث الغازات السامة والقاتلة للطبيعة والناس.
وفي هدا الصدد، وقبل مؤتمر المناخ الذي سينعقد في دبي، ستعقد الجامعة الأفروآسيوية مؤتمرا علميا دوليا حول تداعيات التغيرات المناخية، في 13، 14 و15 من أكتوبر القادم، يتضمن العديد من المحاور وبمشاركة الكثير من الباحثين والمختصين من داخل الوطن العربي وخارجه.