بعد قانون التجريم الألكتروني أبو الخمسين ألف إن مُرر لا سمح الله..!، ستصبح الكتابة مستحيلة… وسينتقل الناقد والكاتب والصحفي لفرقة المتفرجين (الأغلبية الصامتة والصانته وقليلة الحيله)، أو سنعود لسرديات قصص وحكايا الطيبين أيام زمان…(شغل تسلايه..ومكافاة شر… !)، لأن الكتابة والنقد الموضوعي سيضعك في حقل الغام قانون التجريم… (وحلها بعدين وإذا إنك زلمه إدفع)…وعليه… (خذولكم هالقصة… !).
استفزني تعليق لأحد ابناء العمومة، على قصة مؤثرة وصلتني وشاركتها على الفيس بوك؛ تحكي أيام الخير والبركة والبيادر وكيف كان ابو كامل المزارع النشيط يوزع (صاع، وثمنية ومد ونص مد قمح من راس العرمه أو الغلة)… للفقراء والمحتاجين… وكان (للطير والفقير ومراق الطريق) حصة في غلته ورزقه، واقتبس من القصة:
"كان ابو كامل يزيد في حصة سليمان احد ابناء فقراء القرية ويعطيه (نص مد)… ويحثه على الدراسة دائماً.
وفي آخر عمر ابو كامل مرض وكان بحاجة لعملية
رغم أن الكل كان ينصحه يتجنب دخان( الهيشي) وكان يرد عليهم بفطرته وطيبته (حينها ربك يدبرها ببركة البيدر).. تفاقمت حالته وتكلفة العملية فوق طاقته، وقد تتطلب السفر للخارج في ذلك الوقت. وسط ارتباك أبنائه (وهو يقول لا تخافوا، يدبرها ربك.) . وأخيرا أقنعه أبنائه إنقاذا لحياته ان يبيع الأرض التي كان يفلحها ويزرعها وبثمن زهيد . وقبل إتمام عملية البيع.(يوم الفراغ) إستدعى المستشفى أبو كامل على وجه السرعة لإجراء العملية تحت إشراف فريق طبي أوروبي قدم للأردن لإجراء عدة عمليات بالتعاون مع أطباء أردنيين بنفس المستشفى. ويكون أبو كامل أول واحد على كشف العمليات ..
تشافى أبو كامل بعد العملية لكن فرحته غير مكتملة لأن فكرة مشغول بتكلفة العملية وبيع الأرض !! ( ومنين) يدبر تكاليف العلاج ؟؟
أثناء ذلك مر الدكتور المشرف وهنأه بالسلامة وبلغه أن عمليته نجحت( وبعد كم يوم يستطيع مغادرة المستشفى) .. فسأله أبو كامل بلهفه و بصوت مرهق.. وكم كلفت العملية يا حكيم؟ فقال الدكتور وهو يضحك (دبرها ربك ببركة صاع القمح يا عمي… !) .فرك أبو كامل عيونه مرة ومرة وركز النظر وهو يحاول يتفحص وجه الدكتور وقال إنت مين..؟؟قال أنا سليمان إللي كنت تعطيني (نص مد وصاع القمح من راس العرمه) يا أبو كامل تذكر. .. وانا اللي سجلت اسمك على كشف العمليات المجانية مع الفريق الأوروبي. ولما كشفت على قلبك لقيته أبيض ..
سالت دموع أبو كامل على تجاعيد وجهه مثل انسياب حبات القمح من عرمة الصاع ..ونظر لأبنائه (اللي حواليه).. ماقلتلكو (ربك يدبرها) وقال للدكتور أبيااااه لو أدري يا سليمان غير أعطيك عشر صاعات لمثل هاليوم. ..!"
هذه القصة… قرأت ما يشبهها في الادب العالمي… وعمل الخير حديث الشعوب وإرث الثقافات والادب العالمي.
اعجبني تعليق أحد أبناء العمومة على القصة "الله يرحمهم الجميع… قصه حلوه وممتعه لاني عشت مثل هاي القصه مع رحمه جدي، كان فيه بركه بالزرع والحلال، سقى الله (عهذيك) الايام ابن عمي… ويرحم عمي ابوك… كان كل أسبوع يسهر عند جدي… .. ويتحدث عن أمور الحياه لا عن بلديه ولا عن نيابه… !"، استوقفتني آخر جملة مع تأثري بالقصة من موروثنا أيام الطيبين؛ نعم كانت التعاليل والجمعات لاجدادنا وآبائنا… على (القنبور أو ضو نمره 4 أو لكس الكاز ابو شنبر إذا في عزيمه أو ضيف كبير او وجيه أو من طرف الحكومة)، وكانت القهوة العربية الطازجة والساخنة إن صح التعبير من (دلة النحاس الرابضة على جمر المنقل وقبة الحطب)… والضيافة مما تنتج الأرض عنب وتين وغيره في الموسم، أو القليه والزبيب والقطين والخبيصة في الشتاء… وقد تحضر القضامة والقلية والبسيسة والمخشرم والكعكبان أحياناً… والحديث كان عن الحياة… والموسم… والبركة… والقصص القديمة المعبرة والمؤثرة… وازعم أن أجيال تلك الأيام تعلمت من مجالس الطيبين اكثر من المدارس..! والتي لم تكن ميسره للجميع… وحين أستعرض تعاليل ومجالس هذه الأيام… والتي تزخر بالنميمة والنفاق وحديث الإنتخابات البلدية والنيابية والتحزبات والإصطفافات… والعشائرية والبنوية… ولا تخلو من جلسات (قظب الشل)… وتشريح الناس واستغابتهم… والطعن بهم… وقد تمتد للحكومات والوزراء والمسؤولين… وووو… أحاديث بمجموعها تنزع البركة والخير من كل شيء… وتتركنا نخوض بأمور داهمت حياتنا من حيث لا ندري، فأفسدت علينا كل شيء…!؛ وبين تعاليل أيام الطيبين وفوضى تعاليلنا(ومعالكة الحكي… الكاف بال ch) … وزمن الطيبين والبركة… وزمان نزامنه ولا نعيشة… وإن عشناه فلا وجد ولا طيبة...ولا بركة… إلا من رحم ربي…، (ساقا الله على هذيك الأيام… وسقاالله على صاع البركة من راس العرمة… !…وأبياااااه لو فيه بينا أبو كامل وأمثاله…؟) نستذكر ونستذكر… فهل سنتغير… !؟ أم ( فات فينا الفوت..!) وكل قانون وأنتم بخير… !....حمى الله الاردن.