يجود علينا شهر رمضان الفضيل بأجواء مختلفة عن كل أوقات السنة، فعلاوة على البعد الديني والروحي وأعمال البر الإحسان التي تتخلله إلا أن بعده الإجتماعي أيضاً ذو نكهة وطابع مميز، إذ يعزز النسيج المجتمعي الأًصيل ويقوّي روابط المحبة والألفة بين أبناء المجتمع الواحد مسلمين ومسيحيين.
فكيف إذا كان هناك بعد آخر لشهر رمضان الفضيل وهو البعد الثقافي الذي يرسخ أهمية الوعي الثقافي والإهتمام بالشأن العام وبقضايا المجتمع وبآمال وآلام شعوبنا العربية من حولنا ولا سيما أهلنا في فلسيطين الجريحة والتي تعلو صرخاتها من قلب مساجدها وكنائسها من جراء الظلم والقهر والتنكيل الواقع عليها وعلى مؤمنيها، ومناشدة العالمين العربي والإسلامي والهيئات الدولية المعنية بتطبيق قرارات الشرعي الدولية وقرارت الأمم المتحدة والمعنية بالمحافظة على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس الشريف والتي ستبقى أبداً تحت الرعاية والوصاية الهاشمية المباركة، التي ما انبرت في الدفاع عن عروبة القدس وعن مقدساتها الإٍسلامية والمسيحية فيها وعن الإرث المسيحي العريق فيها وعن الوجود العربي المسيحي الأصيل في المشرق العربي.
ففي ديوان عاشق عمان والمؤرخ لعمان، الأخ الكبيرالمؤرخ عمر محمد نزال العرموطي، في حي نزّال، والذي أصدر مؤخراً آخر كتاب له من سلسلة كتبه الأحد عشر في أضخم موسوعة عن مدينة بعنوان "عمان أيام زمان" إجتمعت نخبة مثقفة متثاقفة من المجتمع العماني الأصيل بمسلميه ومسيحيه وضيوفاً من خارج الأردن في أمسية رمضانية عمانية ثقافية رفيعة، أشادت بتاريخ عمان وبأصالة عمان وبنكهة عمان وبفرادة عمان وبجمال عمان وبتاريخ عمان المحفور بقلوب أهل ومحبيها منذ أن كانت قرية صغيرة في بداية القرن التاسع عشر تتربع على جنبات سيل عمان وقت تأسيس إمارة شرق الأردن حتى أصبح سكان عمان ما يقارب الأربعة ملايين نسمة، وأصبح فُراقُ عمان أمراً صعباً على محبيها وعاشقيها، لما تجسده عمان من عراقة وأصالة وتاريخ وحضارة ونسيج مترابط متماسك يوحد قلب ساكنيها من خلفيات ومشارب متعددة، وفوق كل ذلك حالة الوئام الديني التي تسود أجواءها في جو من الإخاء والمحبة والترابط والتعاضد، ترسخها قيادة هاشمية مباركة وحكمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وتعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية ومفهوم المواطنة التي تجمع جميع المواطنين رغم التعددية الدينية والفكرية والثقافية والسياسية.
فما يؤرخ له كتاب الأستاذ العرموطي مشكوراً إضافة لتاريخ عمان الأصيل هو بُعد عمان الديني الأصيل بأجراس كنائسها ومآذن جوامعها وحالة الأخوة الوطنية الأصيلة التي تجمع أهلها على حب الخير وعلى عبادة الله الواحد الأحد مهما تعددت طرق وأساليب العبادة الجميلة والزاخزة بكل معاني الخشوع والوقار.