صدور الجزء الأول من "الأعمال الشعرية شبه الكاملة" للشاعر سليمان إبراهيم المشّيني ويقع في 620 صفحة من القطع الكبير، وذلك من أصل أربعة أجزاء سيتم إصدارها تباعاً حيث ستشمل الأجزاء الثلاثة الأخرى ديواناً خاصاً بفلسطين العربية الخالدة وديواناً في الرثاء وديوان شقائق النعمان في الغزل وديواناً في الإخوانيات والوجدانيات وقصائد عن الأردن والجيش والأمن العام وأناشيد وطنية وأخرى مخصصة للفتيان وعدد كبير من الأهازيج والقصائد الملحنة والأوبيريتات والاسكتشات التي ألّفها الشاعر وكانت تُذاع من على أثير إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية في الستينيات والسبعينيات.
الجزء الأول من سلسلة دواوين الشاعر سليمان المشّيني " صَبا من الأردن " قدّمه دولة رئيس الوزراء الراحل الشاعر الكبير عبد المنعم الرفاعي .. كما قدّمه العلامة الراحل الأستاذ أحمد العناني.
وفي مقدّمة الجزء الأول، يعرّف الشاعر سليمان المشّيني عن نفسه شعراً فيقول:
أنا شاعرُ الأردنِّ مَنْ غنّى لهُ
أَسمى ملاحِمِهِ على قيثارِهِ
غنّيتُ للأردنِّ عذْبَ قصائدي
زيّنتُها بالسِّحْرِ مِنْ نُوّارِهِ
وفخرتُ في صحرائهِ ورمالهِ
وَشَدَوْتُ في أَرْباضِهِ وقِفارهِ
مجدُ العروبةِ صيغَ في أُرْدُنِّنا
بمعارك اليرموكِ في ذي قارِهِ
إنْ ذُلّ ذلّ الضادُ في أقطارِهِ
وَهَوَتْ مَعالمُ عِزِّهِ وفَخَارِهِ
سأظلُّ أشدو باسمهِ المحبوب ما
فتنت زهور الروضِ في أيارِهِ
يحتوي هذا الجزء على مائة واثنتي عشر قصيدة منها ثماني قصائد مهداة للمليك المفدّى ووليّ عهده بعناوين: عيد ميلاد القائد المفدّى ويوم البيعة الكبرى الغرّاء ويوم العرش المجيد وعيد الجلوس الملكي السعيد.
أما القصائد التي تغنّى فيها بالأردن ومدنه وقراه ( مثل السّلط الأبية التي خصّص لها خمس قصائد وأهزوجة عن وادي السلط ثم البتراء الخالدة ثانية عجائب الدنيا السّبع وعروسنا الجميلة الخالدة عمّان فالكرك ومادبا وجرش والطفيلة والعقبة والمفرق والأزرق وارميمين) .. فقد كانت بعناوين منها: أوبريت " أنا الأردن " (الأردن يتحدّث عن نفسه" .. عن ترابه الطّهور وأرضه الحرّة مهد الوحدة العربية وجنّة الدنيا الجميلة .. عن شعبه الجبّار الشّهم الأبيّ المجاهد الصّامد البطل .. وجدوده الأبطال وآثاره العظيمة .. ونهره الخالد) .. وأوبريت "الأردن أولاً"، والعصماء في تحية الأردن، والأردن جلال وجمال، ونفحات من الأردن، ولعينيك ذاتي فخذ ما تريد، وأردنّنا مُخلَّدُ، ونشيد وطني الأردن أعمّرُهُ، وهذه أرضي وهذا بلدي، وأردنّ عرين الأبطالِ، وصامد في الخَطْب، وموطن الصّمود، وعرين الأسود، وعنفوان، وعَوْدٌ إلى السّاح، ومصنع الأحرار، وإصرار، وغيرها .. ثم عبّر عن اعتزازه بأردنيّته في قصيدة عصماء بعنوان " إِن تَسَلْ عنّي فأنّي أردنيُّ ".
وبالنسبة للقصائد المخصصة لاستقلال الأردن (فقد نضدها في العقد الفريد في تحيّة عيد استقلال الأردن المجيد بَدءاً بقصيدة توّجتُ باسمكَ أشعاري وانتهاءً بنشيد عيد استقلالكَ يا بلدي أغلى الأعياد الوطنية) .. وخصّ الجيش العربي المصطفوي المظفّر وشهدائه بالعديد من القصائد مستذكراً قصة الثورة العربية الكبرى ومعركة الكرامة وقوات البادية والأمن العام ونسور سلاح الجو الملكي الأردني وسلاح اللاسلكي الملكي وسلاح الهندسة الملكي ولواء الإمام علي ولواء الأميرة عالية ولواء الحسين بن علي وشهداء الأردن الأبرار مثل النّسر البطل طلال محمد عبد الله الخطيب والنسر البطل فراس العجلوني والشهيد كمال المدني وذكرى تعريب قيادة الجيش.
وشدّد الشاعر على أهمية الوئام بين الأديان في قصيدته " من وحي الأسبوع العالمي للوئام بين الأديان ( مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني )، وقصائد في رحاب الهدى مثل عيد المولد النبوي الشريف وعيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك ومدح خاتم النبيّين الرسول محمّد صلى الله عليه وسلّم .... مثلما شدّد على موضوع العروبة والتي بدونها لن يستطيع العرب تحقيق آمالهم في قصيدة (وطن عربي واحد من المحيط إلى الخليج) وأحفاد الرشيد والكويت وليالي جدّة ومؤتمر القمّة العربي الأول وتحية الجزائر المجاهدة في ذكرى استقلالها .. ولم ينس فلذة كبده ابنته الصغرى الشهيدة الصيدلانية "دينا" التي قُتِلَت غدراً وهي تمارس عملها في وضح النهار ولم يتم حتى الآن إلقاء القبض على القاتل وذلك في قصيدة مؤثرة رثاها فيها... كما لم ينسَ الطالب وتوجيه الجيل الأردني الجديد.
وأخيراً وليس آخراً، أهدى الشاعر المشّيني ثلاث باقات ورود إلى "عالية" (الخطوط الجوية الأردنية الملكية سابقاً).
أما الغلاف فقد حمل صورة للشاعر المشّيني مع كلمات أهزوجته " فدوى لعيونك يا أردن "
كذلك، شمل هذا الجزء رأي الشاعر المشّيني في الشعر فيقول إنّ الشعر هو فِكرة الإنسان في الوجود .. فلا يكفي أن يكون هذا الإنسان مِن لحم ودم .. بل لا بُدَّ أن يكون من مَعانٍ وأَلفاظ .. وإلاّ أصبح حيواناً أعجم .. وقد قيل إن الإنسانَ أقربُ إلى المعنى منه إلى المادة .. والشاعر الشاعر يُبدع أُمّة كاملة .. فهو ينسج بخياله السّامق أفكارها السّامية، وفلسفتها الرّفيعة، وحكمتها .. والشِّعر في شتّى لُغات العالم .. وبِخاصّة العربية الخالدة .. تأليفٌ موسيقي.
الشعر وقبل كل شيء ديوان العرب, وديوان العرب الذي حفظ ماضيهم وتاريخهم وأمجادهم ومعاركهم وتراثهم من جيل إلى جيل، والشعر الذي أعنيه هنا هو الشعر الموزون المقفى الذي يتميز بالموسيقى الرائعة وقوة السبك والجزالة والتركيب وسمو المعنى ورشاقة الألفاظ. هذا هو الشعر الذي حفظ تاريخ هذه الأمة وأمجادها وكان حافزها للمجد والمعاني، كما انه يلهب العزائم والهمم ويرفع المعنويات ويصنع من الضعف قوة ومن الفرقة وحدة ويذكّر الأجيال العربية بعظمة أمتهم وسؤددها وأنها أمة أبيّة لم تحنِ هامتها يوما إلا لله تعالى.