بعد نهاية أكذوبة اسمها الجمهورية الوهمية التي آمن بها النظام الجزائري على مر عقود، الملف تم طيه للأبد، والأحلام ماتت، لكن جنرالات قصر المرادية متشبثون بالأمل الأخير في دعم ميليشيات مرتزقة، شرذمة تتحول يوما بعد يوم إلى جماعات إرهابية تهدد الجزائر بالدرجة الأولى، وستحول جنوب الجزائر قريبا إلى ساحة حرب تسهل تسلل المرتزقة والإرهابيين من كل دول الساحل والقرن الإفريقي.
ملف الصحراء المغربية كما قلت تم طيه للأبد، وكذلك مصطلح الصحراء المغربية يجب أن يطوى مع الملف المفتعل، لأن التسمية رافقت الملف في رفوف المفاوضات والأمم المتحدة وصراع مع الجار حول نواياه لتقسيم المملكة. إذ يتم تبني بشكل رسمي مصطلح الأقاليم الجنوبية على غرار الأقاليم الشمالية والشرقية وباقي جهات المملكة، على الإعلام الوطني وضع قطيعة مع مصطلح الصحراء المغربية الذي صاحب صراعا دام زهاء خمسة عقود.
فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، والجزء الصحراوي من المملكة هو أقاليمه الجنوبية، مند أكثر من 12 قرن. على الإخوة قراءة التاريخ، عوض الانصياع وراع خرافات العسكر. أولئك الذين يسطرون أهدافا توسعية للمملكة فقط يحاكمون النوايا، عوض التفكير في بناء صرح اتحاد دول المغرب الكبير. إنهم يفاوضون الزمن ويبيعون أوهاما لشعب مغلوب على أمره، حيث ذهبت كل خيراته على حلم بوخروبة المستحيل.
إن استعمال التاريخ لمحاكمة مقاصد سياسية مشروعة تنخرط في ظل سعي المملكة لاسترجاع أقاليمها ينطوي على محاولة يائسة من الجيران لقلب الأدوار ليصبح من يدافع ويدعم الانفصاليين هو من له نوايا استعمارية دفينة وإيجاد طريق للأطلسي. كما أن اتهام المغرب بنوايا توسعية، هو اعتراف ضمني بسيادة المملكة ومند 12 قرنا على جل بلاد شمال افريقيا حتى نهر السينغال، إنه تأكيد على العمق الصحراوي الإفريقي للمغرب.
هذا العمق هو أساس السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، والذي هو عمق تاريخي وسياسي وثقافي وجغرافي وجيوستراتيجي، عمق ارتبط ببيعة القبائل للسلاطين المغاربة عبر التاريخ. هذا الرابط بين الإمبراطورية المغربية وعمقها الإفريقي كان حاضرا حتى مع دخول المستعمر الإسباني للمنطقة ثم استرجاعها منه، هدا في حد ذاته شرعية الوجود المغربي فوق أراضيه الجنوبية.
لذلك، فاستعمال مصطلح الصحراء المغربية يجب أن يندثر مع سياقات وجوده، اليوم الأقاليم الجنوبية تعرف نهضة عمرانية واقتصادية لا مثيل لها ووجود تمثيل دبلوماسي دولي هناك، على غرار باقي مدن وقرى وأقاليم وجهات المملكة.
ونصيحة لأولئك الذين لازالوا يؤمنون بثوابت الدولة وتقرير المصير وحق الشعوب وغيرها، عليهم فتح الأعين جيدا، وأن ما فشلوا في تحقيقه لنصف قرن لن يتحقق أبدا، من العبث أن يصر الإخوة على هدا الغباء، وعليهم أن يقرؤوا التاريخ وأن يتابعوا كيف يتغير العالم، وهم لازالوا متقوقعون داخل مظلات إيديولوجية بائدة تعود لستينيات القرن الماضي.
اطرحوا السؤال الأخير كما جاء في رواية اسحاق أسيموف، ماذا حققتم من عنتريات عسكرية لنصف قرن؟ حين تطرحون السؤال وتفتحون أعينكم جيدا، ستجدون أنهم فوتوا على شعبهم فرصة بناء دولة قوية ومنطقة مغاربية قوية وآمنة وشعوب متحابة.