عقدت الجمعية الفلسفيّة الأردنيّة يوم أمس محاضرتها الاسبوعيّة ضمن مُلتقى الثلاثاء الثّقافي، وقدّم الدكتور عامِر الحافي استاذ الأديان المُقارنة في جامعة آل البيت، محاضرة بعنوان: "تجديد الفِكر الدّيني" ، وأدارت الحِوار الدكتورة لينا جزراوي أمينة سرّ الجمعية.
وبدأ الدكتور الحافي بالإشارة الى أنه من الخطأ أن نقول لماذا التّجديد ، يجب أن نقول لماذا لا نُجدّد لقد أصبحنا اليوم نُدافِع ونُبرّر لبديهيّات يجب أن تكون مقبولة ،إنّ مقولة أن لا تجديد في الدّين هي مقولة خادِعة لأن سرّ عظمة الدّين هو في قابليّته للتجدّيد، وعظمة الإسلام هي في إمكانيّات النّص واكتشاف المعاني العميقة فيه. إن العقل الديني يسهُل خِداعه ، فالمفُكّر الكبير (محمّد إقبال ) في كتابه ( تجديد الفِكر الديني) قال بأن العامّة قد تركت ذكاء الفلاسِفة والمفكرّين العقلانيّين أمثال ابن سينا والفارابي ، وإبن رُشد ، وتمسّكت بالذكاء المُتوسّط للفقيه مما أسهم في استِغلال العقل الدّيني لاعتِبارات سياسيّة أكثر منها دينيّة.
وأشار الدكتور الحافي الى رفض مقولة (العصر الجاهلي)، لأن العرب لم يكونوا جاهلين، بل على العكس تمامًا لقد كانوا يُنتِجون الشّعر والأدب والمعرِفة و كانت فلسفة العرب في شِعرِهم ،وانتاجاتهم الفكريّة آنذاك، فكيف نقول عن تِلك الحقبة بأنها عصرًا جاهليًّا؟.
وأضاف بأن عصر التّنوير قد بدأ في الغرب عندما مُنِح العقل البشري الفُرصة للإكتِشاف والإنتاج والإبداع، فالقرآن لا يريد أن يُقدّم الإجابات نيابة عن العقل البشري، ولا يجوز أن يتعارض النصّ مع العقل فهنُاك دور للإنسان في التّشريع بالضّرورة والتشريع القرآني قد راعى التّجديد. إن تجديد الفِكر الديني يقتضي بأن نعرِف بأن الفِكر الديني هو مُنتج بشري، وأن ما نعتقِد من أفكار وتصورات عن الدّين ليست حقيقةً جوهر الدّين.
هذا واشارت الدكتورة لينا جزراوي الى أهميّة مشروع المفكّر محمّد أركون النّقدي الّذي وُصِف بأنه من أهم المشاريع الراميّة لتجديد الفكر العربي المعاصِر بهدف تخليص النصوص الدينية المُؤسّسة للثقافة العربيّة الإسلاميّة مما شابها من قراءات أيديولوجيّة حمّلتها معاني، وأبعادًا لا تتضمّنها في الأصل .
وأثارت المحاضرة العديد من النقاشات والتساؤلات من قِبل جمهور الجمعيّة الفلسفيّة الأردنيّة، واختتم الدكتور عامِر الحافي المحاضرة بقوله إن الكتب المقدّسة لا تتحدّث وحدها، بل العقل البشري هو الذّي يتحدّث من خلال فهمه لنصوصها، واكتِشاف المعاني العميقة فيها.