فُجع المجتمع الأردني بوفاة العريس حمزة سطام سكر برصاصة طائشة أثناء إطلاق النّار في حمام عرسه، لينقلب العرس إلى مأتمٍ والفرح إلى ترحٍ، ويُحمل العريس إلى والديه وعروسه على الأكتاف لا بأهازيج الفرح بل بصرخات الحزن والوجع والآهات والحسرات على شبابه، ويُلبسونه الكفن الأبيض لا بدلة عرسه التي بقيت خلفه تؤجج آلام محبيه، ويشيعونه إلى مثواه الأخير بعيدًا عن بيته الذي حلم به وعروسه لشهور. وعوضًا عن أن تُقام وليمة غداء لعرسه أُقيم بيت عزاء يخيم عليه الحزن والألم ومرارة الفقد ليعمّ هذا الحزن والألم والفقد لا مدينة معان فقط بل أرجاء الأردنّ الحبيب.
وتعقيبًا على هذا الخبر الصّادم المفجع ناشد معالي الدكتور بركات عوجان/ وزير الثّقافة الأسبق وناشدت عشائر معان العشائر الأردنية بالتوقيع على عريضة تنص على الالتزام بعدم إطلاق النّار في مناسبات الأفراح، ومناسبات نجاح الجامعة والتوجيهي والمناسبات العامة؛ إيمانًا منهم بالشريعة الإسلاميّة والشرائع السماوية التي تحث على ذلك، وحفاظًا على هيبة الدولة وسيادة القانون، ولأنه تصرف غير حضاريٍّ، ولا يعكس صورة حميدة عن مجتمعنا الأردني.
فإطلاق الأعيرة النارية في المناسبات يؤدي إلى قتل وإيذاء الآخرين وترويعهم وهذا يتنافى أولًا والشرائع السماوية جميعها التي تدعو إلى عدم المساس بالآخرين وإيذائهم بأي شكلٍ كان، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 58]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) رواه أبو داود. فضلًا عن أن إطلاق الأعيرة النارية يتنافى وكل الأعراف والعادات العربية الأصيلة وتحديدًا الأردنية النبيلة التي ترفض هكذا تصرفات رعناء تمس بأمن المواطنين وأمانهم وتُرهبهم، وتُهدر أرواح شبابنا وتحصدها، وتملأ قلوبنا بالحسرة والفجيعة عليهم.
فحمزة ليس العريس الأول المغدور الذي يفجع قلوبنا بوفاته برصاص طائش في فرحٍ، ولن يكون الأخير إذا لم نلتزم بعدم إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات.. فكفاكم إصرارًا على عاداتٍ جاهليةٍ ليست منّا، عادات لا تمسّ للحضارة بشيء، عادات قاتلة تُدخل الموت إلى كل بيت، وتفجع قلوب الأمهات والآباء والزوجات والأبناء والأخوات والإخوة، وتقلب الأفراح إلى أتراح. كفاكم هدرًا لأرواح شبابنا، كفاكم اغتيالًا لأحلامهم، وأحلام محبيهم. فكم طفلٍ أضحى يتيمًا بسبب إطلاق الأعيرة النارية؟! وكم عروسٍ ترمّلت؟! وكم شابٍ أغرقت دماءه شهادته الجامعية قبل أن يفرح بها؟! وكم أبٍ وأمٍ انكسر قلباهما على ابنهما وعلى شبابه؟! وكم رجلٍ غادر الحياة دون أن يفرح بأبنائه بسبب رصاصة طائشة؟! كم قلبٍ كُسر ويُكسر كل يومٍ بسبب الرصاص الطائش؟ وكم حلمٍ اغتيل ويُغتال لمن أصابته رصاصة طائشة فلم تقتله لكنها شوهته فقتلت أحلامه؟! ... كفاكم استهتارًا بأرواح الآخرين، وكفاكم تفاخرًا بعاداتٍ قاتلة مؤذية، كفاكم ...
وختامًا، لأجل الحفاظ على الأرواح وتحقيق الأمن والأمان للوطن والمواطنين سوف أقوم أنا (د. بركات عوجان) وأخي وصديقي المؤرخ الأستاذ عمر العرموطي بإرسال رسالة نناشد فيها عشائر المملكة بضرورة الالتزام بعدم إطلاق الأعيرة النارية في الأفراح والمناسبات العامة بل والتشديد على ذلك.