تكاثرت مؤخرا عملية بيع سجائر الفرط في أكشاك القهاوي التي هي أيضا تكاثرت دون شروط صارمة من قبل الجهة المختصة التي تصدر لها ترخيصا في حال بيعها مشتقات التبغ لمن هم دون سن الثامنة عشرة ودون متابعة فجائية وعقاب رادع ولا ضير من أن يصل إلى عدم تجديد الرخصة لأصحابها.
مستقبل الجيل القادم "الأحداث" بات في خطر مدقع، وما بين رقابة الأهل وبين عدم مقدرتهم على تربية أبنائهم بالطريقة الصحيحة في ظل إباحة السوشال ميديا برصيد مفتوح أمامهم وما بين مؤسسات ومراكز حقوق الطفل وحماية الأسرة أصبح هناك نوعا من الخوف لدى أرباب الأسر من تشكيل بعض الضغط على أطفالهم في موضوع التربية، خاصة وأن الأطفال باتوا يشاهدون ويقرأون وأيضا يقلدون بعضهم البعض في التمرد بطريقة اقتنائهم للأشياء الممنوعة من قبل الأهل بحجة أن لديهم حقوق وأن أي ردة فعل عنيفة من الأهل ستشكل ضدهم سيقومون باللجوء إلى إحدى الجهات التي سبق ذكرها بحجة تعنيفهم وعدم استحقاقهم لحقوقهم من قبل الأهل.
فهناك عدة أمثلة حدثت وما زالت تحدث من شأنها تدمير مستقبل جيل بأكمله، فقبل أمس رأيت ثلاثة أطفال جالسين على الرصيف في الشارع العام لا تتجاوز أعمارهم العشرة أعوام وأصغرهم يبلغ من العمر سبعة أعوام أخرج علبة السجائر من جيبه وتناول السجارة وقام بتوليعها ومن ثم عزم على أصدقائه وأيضا قام بتوليع السجائر لهم، لكنني لم أستطع تصوريهم وإيصال الواقعة لوزارة التنمية الاجتماعية وباقي الجهات المختصة حرصا على نفسي من قانون الجرائم الالكترونية الجديد، عدا عن قيام طفل آخر لا يتجاوز عمره أربعة عشر عاما بشراء المادة السائلة التي تعبأ في السيجارة الالكترونية بمبلغ خمسة دنانير ثم ذهب إلى محل آخر وقام بشراء رأس للسيجارة أيضا بقيمة خمسة دنانير عدا عن سعر السيجارة الالكترونية نفسها والتي تتراوح قيمتها بين أربعين إلى مائة دينار حسب النوع والصنع.
مما يشكل عبئاً مادياً على جيب رب الأسرة الذي يعطي لطفله مالا لا يعرف طريق انفاقه، وعند عدم دفع رب الأسرة للطفل الذي أدمن على هذه المشتقات يبدأ بالقيام بأي عمل من أجل الحصول على المال الذي سيقدر من خلاله الحصول على السجائر والتي هي في هذا السن تشكل الفضول في تعلم كل شيء لا يحمد عقباه مستقبلا كالحصول على المخدرات والحشيش مثلا لا قدر الله.
كل هذا يتطلب من الجهات المعنية وذات الاختصاص بمراقبة أكشاك قهوة الشوارع ومحلات بيع الأراجيل والمعسل والسجائر الالكترونية ومشتقاتها وتطبيق أغلظ العقوبات بحقهم وتحديدا في المناطق الشعبية، خاصة من يقوم بالبيع للأطفال دون سن الثامنة عشرة، ولا ننسى هنا دور المحافظات ومؤسسات المجتمع المحلي من رؤساء وأعضاء المجالس المحلية والمخاتير وأصحاب المبادرات الإنسانية والإعلام والوزرات المطلوب منها التوعية المستمرة بهذا الموضوع الذي من شأنه أن يفتك بالمجتمع بأكمله.
ولا ضير من إشراك مركز الحسين للسرطان في عملية التوعية وذلك من خلال عمل ورش عمل وندوات ومحاضرات يتخللها إظهار نسب أمراض السرطان دون سن الثامنة عشرة وتحديدا من كان منهم مدخناً، علّ هذه العملية التشاركية أن تصب في قلوب هذا الجيل الخوف من هذا المرض وجعله يردعهم عن الاستمرار في التدخين والذي يُعد سبباً رئيسا في أمراض السرطان وخاصة سرطان الرئة.
وأخيرًا لدي اقتراح بتطبيق قرار تفعيل البيع عن طريق الهوية الشخصية التي تثبت البيع لمن هم فوق سن الثامنة عشرة وأتمنى أن يلقى هذا المقترح استحسانا وأن يأخذ على محمل الجد، والتفتيش الفجائي على أصحاب تلك المحلات من خلال متابعة الكاميرات الداخلية لديهم للتأكد من سير العمل بطريقة صحيحة، وبذلك تكون الدولة شكلت ضغطا على أصحاب محلات بيع مشتقات التبغ وضمان التزامهم بالقوانين، التي أجزم أن نصف أرباحها تشكلت من جيب الأطفال دون سن الثامنة عشرة.