صدرت حديثاً عن دار نشر "إنّر تشايّلد برس" بالولايات المتحدة الأميركية، الترجمة الإسبانية لكتاب "أنطونيو التلحمي.. رفيق تشي غيفارا" لمؤلفه د.سميح مسعود، معززة بصور وثائقية لشخصية أنطونيو التلحمي وصور للأماكن التي تنقل بينها والشخصيات التي ناضل إلى جانبها.
وترجمَ د.أنطونيو مارتينيزكاسترو الكتابَ الذي صدرت نسخته العربية عن "الآن ناشرون وموزعون" (2020). وهو يتحدث عن سيرة مناضل بأميركا اللاتينية من أصول فلسطينية، شارك في ثورة 1936 في فلسطين بوصفه متطوعاً أمميّاً ومناضلاً ضد الاستعمار البريطاني الإمبريالي وخاض ضده عمليات عسكرية ناجحة.
يستعيد الكتاب الذي لاقى رواجاً كبيراً لدى القراء العرب، وخاصة في فلسطين والأردن، ذاكرة التلحمي وعلاقته بجده الذي هاجر إلى أميركا اللاتينية نهايات القرن التاسع عشر وعمله في المناجم، وتأثره بحكاياته عن فلسطين وتاريخ كولومبيا والظلم المسلّط على رقاب المهمشين والمستضعفين، ووصية جده له بأن "يكون دوماً مع المظلومين، وأن يضع فلسطين في شغاف قلبه".
وخلال دراسته الجامعية، وانخراطه مع الحركة الطلابية وعضويته البارزة في الاتحاد، وانتسابه للحزب الاشتراكي، تغيرت رؤية أنطونيو إزاء الكثير من القضايا التي تتصل بالحرية، وعلى رأسها قضية فلسطين. وبعد تخرجه في الجامعة بدأ يرى الخارطة تمتد من كولومبيا التي يعيش فيها إلى فلسطين التي يحلم بها، وعمل خلال الصحافة منافحاً عن فلسطين وقضايا الحرية، وهو ما قرّبه من القائد الثائر سيمون بوليفار.
ويتحدث الكتاب الذي يندرج ضمن "أدب السيرة" عن رحلة أنطونيو الأولى لفلسطين ولقائه بإبراهيم لاما (صاحب شركة لاما للسينما)، ويعرج خلال ذلك على الهجرات اليهودية التي كانت تقلها البواخر من بولندا وأوروبا إلى فلسطين، ويستعيد زيارة أنطونيو لجنين وبيت لحم ولقاءه بعدد من الثوار الفلسطينيين ثم استشهاد قائد الثورة في ذلك الوقت (أبو كمال).
ثم يتحدث الكتاب عن رحلة عودة أنطونيو لكولومبيا، وعودته مجدداً لفلسطين وانضمامه للجهاد المقدس، وتنفيذه عمليةً نوعية في القدس كان يمكن أن تغيّر مسار التاريخ في المقاومة الفلسطينية. ويستذكر أنطونيو خلال ذلك لحظة استشهاد القائد عبدالقادر الحسيني: "كنت على مقربة منه لحظة استشهاده.. عشت الحدث بكل تفاصيله".
ويحكي أنطونيو الذي اختاره المؤلف ليروي الأحداث، عن رحلة مغادرته من فلسطين بعد أن أصبح مطلوباً لليهود والإنجليز معاً، وكيف جهز له رفاقه أوراقاً ثبوتية لتسهيل رحلته إلى غزة ثم العريش ثم إلى الاسكندرية بمصر، ووصوله بالباخرة، ثم تعرضه للسجن في كولومبيا بسبب نشاطه السياسي، ثم خروجه عام 1952 من السجن ليلتقي مصادفة مع تشي جيفارا، وحواراته معه حول قضية فلسطين وقضايا التحرر في أميركا اللاتينية.
ويتحدث أنطونيو عن مرحلة إعجابه بثورة غواتيمالا ولقائه جيفارا وعدداً من المناضلين الكوبيين، من بينهم كاسترو. ورحلة التحرير التي رافق بها كاسترو وتشي جيفارا مستعيداً الكثير من الذكريات معهما وآخر لقاءاته بهما والهواجس التي كان يشعر بها عند قرار جيفارا التوجه لبوليفيا. ثم يتحدث عن عودته إلى عمّان عام 1967، ثم سفره إلى الكويت حيث توفي هناك.
يذكر أن المترجم هو أستاذ اللغة الإسبانية في الجامعات الإسبانية، ومن المتعاطفين مع القضية الفلسطينية والمهتمين بالتراث العربي في الأندلس.
وكان قد صدر للمؤلف د.سميح مسعود عن "الآن ناشرون وموزعون" العديد من الأعمال الإبداعية في سياق توثيق الذاكرة الفلسطينية وإعادة إنتاجها ضمن مجموعة من الأعمال الروائية والسير ذاتية والكتب التوثيقية والدراسات البحثيّة المعمّقة.