سأكتب المقال المعنون أعلاه بحذر، وهو يحتمل الصح ويحتمل الخطأ في النتيجة التي سترد في الفقرة الأخيرة، والتي سنحاول تبريرها والتمهيد لها في الفقرات التالية، مع العلم بأن المقال قابل للنقد والنقاش لنصل جميعا إلى الحقيقة العلمية.
تقع المملكة في حدها الغربي على بؤرة صدع تحويلي إنزلاقي توسعي وهو صدع البحر الميت، ويعد المنطقة الأخفض في العالم وصلة مع الأعماق، والخسف التوسعي الأكثر عمقا وتعقيدا من ناحية جيولوجية.
الصدع المذكور ممتد عبر البحر الأحمر ليسير في ديارنا عبر خليج العقبة فمدينة العقبة فمناطق وادي عربة الجنوبي والشمالي وصولا إلى البحر الميت، فمناطق الأغوار الجنوبية والشمالية...
فنكون بذلك في الأردن جزءا من الصفيحة العربية (مع الجزيرة العربية وسوريا والعراق) والتي تندفع نحو الشمال بحركة إنزلاقية توسعية مبتعدة عن الصفيحة الإفريقية (فلسطين وإفريقيا) بحركة مقدارها 9 مم في السنة، وإزاحة قدرت بنحو 107 كم بفعل هذه الحركة عبر ملايين السنوات، والتي تتجمع كطاقة يمانعها إحتكاك كتل الصخور بالأعماق فتحصل الحركة فجأة، وتتكسر الكتل الصخرية العملاقة لذلك منتجة طاقة زلزالية، تتناسب بقوتها مع عمق بؤرة الزلزال ومقدار الطاقة المتحررة والإزاحة.
صفيحتنا نشطة وعنيدة وتصارع في شمال سوريا/جنوب تركيا الصفيحة الأوروأسيوية، وتنتج طاقة تتحرر على شكل زلازل عنيفة مع إزاحات تشير إلى أن الصفيحة نشطة، وتحتاج تحرير بعض الطاقة كزلازل في مواقع أخرى لتكمل رحلتها ومسيرها كجزء من تكتونية الصفائح والقشرة الأرضية...
الصفيحة الأوروأسيوية بدورها تزاحم الصفيحة الإفريقية على طول حوض البحر المتوسط، وزلزال المغرب الأخير ناتج عن هذا التزاحم.
الزلزالية التاريخية لمنطقتنا وعبر المراجع والكتب كالبداية والنهاية وكتاب سجل الزلازل العربي للبروفيسور الكويتي عبدالله يوسف الغنيم وغيرها تحدثت عن زلازل ضربت منطقتنا، بينما الزلزالية القديمة التي تستخلص بالبحث العلمي عن التموجات والتكسرات في سجلات الطبقات الصخرية القديمة كرواسب لسان البحر الميت ومقاطع حفريات العقبة، تشير إلى إستمرار حدوث الزلازل وأن بعضها قويا نسبيا.
نشر البروفيسور مصدوق التاج قبل فترة على منتدى الإبتكار والتنمية/منتدى النهضة إحصائية للزيادة السنوية بأعداد الزلازل العنيفة، ليتبين في السنوات الأخيرة وجود إرتفاع كبير بهذه الأعداد حد التضاعف، وهذا غير طبيعي.
البحر الميت بموقعه أعتبره عقدة وسنام صدع البحر الميت العملاق، والممتد من شرق قارة إفريقيا إلى البحر الأحمر/خليج العقبة فالأردن/فلسطين وسوريا/لبنان ثم تركيا، ويعد البحر الميت بمكوناته الجيولوجية وخسفه البؤرة الأكثر صلة مع أعماق الكوكب وبؤر نشاطه الجيوحراري
هنالك تزامن ما بين تبعات التغير المناخي الذي سارع جفاف البحر الميت وزيادة النشاط التكتوني المتزايد في السنوات الأخيرة.
تغير سلوك حوض البحر المتوسط بمناخه وعواصفه وتزايد درجات حرارة مياه البحر بشكل غير مسبوق، تشير إلى أمر ما يحدث في الأعماق.
في محيط إقليمنا هنالك ترابط زمني جيد ما بين تزايد النشاط التكتوني والجيوحراري و/أو الزلازل مع آثار التغير المناخي والعكس صحيح، ويحتاج الأمر للمزيد من الدراسات في كل إقليمنا شاملا تركيا وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين والأردن... إضافة إلى دول حول المتوسط؛ من قارتي أوروبا وإفريقيا.
سيناريو تسلسل الأحداث يشير إلى هذه المتتالية: تغير مناخي عالمي ناتج عن إحتراق الوقود وزيادة تراكيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، جفاف البحر الميت كإحدى النتائج بسبب شح كميات الأمطار وزيادة التبخر، فقدان جزء كبير من المياه من جسد البحر الميت، تحرر كبير في الضغوطات العمودية عن جسد الصدع في بؤرته (أي البحر الميت) بعد فقدان جزءا كبيرا من مياهه، تفاقم النشاط التكتوني والجيوحراري في إقليمنا وحوض
المتوسط... (هذا وأن هنالك أنشطة بركانية ليست ببعيدة عن الإقليم سجلت كذلك حتى في أعماق البحار)، وتباعا فتفاقم التغير المناخي وتبعاته ولكن هذه المرة لأسباب جيوحرارية.
إن أثبتت الدراسات السيناريو أعلاه، فإنه يتوجب على العالم إنقاذ البحر الميت قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه وتسلك الطبيعة والكوكب نهجا غير مسبوق، سيما وأن صفائح القشرة الأرضية مرتبطة تكتونيا ببعضها البعض، وتكاد الشواهد أن تقول بأن إستقرار الكوكب مرتبط بسلامة البحر الميت سنام تكتونية الكوكب، لنقول بأن خطرا يهدد العالم وموقعه وترياقه في الأردن، هذا والله تعالى أعلى وأعلم.