أجمع العالم لإدانة الجريمة النكراء التي تعرض اليها المستشفى المعمداني في غزة كما أظهرت شعوب العالم عن صادق تعاطفها مع ضحايا الية الحرب الاسرائيلية من عائلة (MK80) الصاروخية والتى ذهب ضحيتها 870 بين قتلى وجرحى وهو استخلاص يبدوا صحيح لكنه لا يفيد فى المحصلة السياسية على الرغم من انتصاره المحدود للرواية الفلسطينية بالحرب التي تشنها قوات الاحتلال على غزة وذلك لأن محصلة النتائج جاءت لخدمة السياق الإنساني وليس السياسي .
واحسب ان هذه الحادثة كانت تستهدف عدم انعقاد القمة الرباعية في الاردن لدواعي ثلاث تقوم الأولى منها على "التوقيت وآلألية والمكان " والتوقيت جاء قبل انعقاد القمة بساعات وأما الألية فلقد تم اختيارها لتكون قاسية لتحمل فى المحصلة ضجيج وهو ما جعل نقطة الاستهداف تختار بعناية لتكون (مستشفى) الذى تصرف عليه الكنائس الانجيلية بهدف تاجيج العواطف العامة للشعوب بما يجعلها ضاغطة على قادة القمة الرباعية للحيلولة دون انعقادها وهو ما تم حيث ضغطت عواطف الشارع العام على القادة بعد "اصطناع" تظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس الفلسطيني في رام الله الأمر الذى أدى بالمحصلة لتأجيل انعقادها ...
وحتى يتم اعراب هذه الجملة الاستخبارية الاسرائيلية وتوضيح ماهيتها فلقد حملت تداعياتها حالة متناقضة بين "الموجبات الأمنية و المقتضيات السياسية " وهذا ما أظهرته حادثة رفض قادة الحرب الاسرائيلي لوقف الحرب ولو بشكل آني للسماح بانعقاد القمة وذلك لإفشال مساعي القيادة العربية و"جهود" الرئيس جو بايدن تجاهها .....وهى القمة التى كانت تستهدف تطويق حدود الحرب على غزة وعدم توسيع جغرافيتها حتى لا تذهب بالاتجاه الإقليمي وهو الأمر الذى يتعارض بشكل منهجي مع ما يريده نتنياهو ومشروعه لقيادة الإقليم.
هذا لان برنامج نتنياهو يقوم على اشعال حرب إقليمية بين تيار الطرف الايراني بحيث يكون السيد نتنياهو فيها قائدا لمعسكر الاعتدال العربي ليكون في مواجهة إيران وحلفائها وبهذا تدخل اسرائيل كشريك عسكري وامني تقود قوى الاعتدال فى المنطقة كما يصف ذلك بعض المتابعين .
وهو السيناريو الذي يأتي بسياق عوامل موضوعية أخرى بدأت تشعر بالتذمر الذي يبديه بيت القرار الامريكي جراء ارتفاع فاتورة بقاء اسرائيل على حالها فى المقياس الاستراتيجي وهو أيضا ما قامت به الادارة الامنية الاسرائيلية باستغلال ظروف دخول الرئيس بايدن الانتخابات الأمريكية القادمة وهي المعطيات التى تفسر بطريقة واضحة ملابسات حادثة مستشفى المعمداني وكما تجيب على استفسار وسؤال فى آن واحد مفادة يقول لماذا هذا التحشيد الضخم لدول الناتو فى المنطقة وماهية الرسالة التي يراد ارسائها بعد اجتياح غزة.
ولعل قمة الاردن الرباعية التى قامت بإستثناء نتنياهو وبعض الدول الاخرى من الحضور جعلت من نتنياهو يقوم بارتكاب هذه المجزرة وبهذه الطريقة الصاخبة مستخدما اسلوبه المعتاد "ان لم اكن لعيب فانا ساكون خريب" وذلك لاظهار مدى تفوقه السياسي ونفوذه الواسع فى بيت القرار الأمريكي والعالمي فى حركات استعراضية على قيادات المنطقة وهذا ما يراد تصويره ليكون نتنياهو واسرائيل حامي المنطقة بالانابة عن الادارة الامريكية ...لكن ذلك قد لا يكون استراتيجي فى المقياس العام اذا ما تم اسقاط الرواية التي تتحدث عن اعادة توظيف الدور الاسرائيلي ليكون ضمن مقياس ادنى بكثير مما يتطلع الية ...
صحيح أن قرار إرجاء القمة جاء احتراما لدماء الضحايا هو موقف محط تقدير لكن ان مسالة اعادة ترتيب انعقادها بطريقة ما، ستجعل من المحصلة السياسية تحمل نتائج وفوائد كبيرة على ألصعيد الفلسطيني كما ستبعد المنطقه عن شبح دخولها بحرب اقليمية ستكون كارثية نتيجة ثقل كلفة الفاتورة فيها على مجتمعات المنطقة لانها تحمل كلف عاليه جدا ....كما أن نتائجها يتوقع ان تحمل جغرافيا سياسية جديدة للمجتمعات ....وستنتهي فى المحصلة سمة الجغرافيا العربيه المتصله لتكون ذات قوميات وأعراق متعددة وضمن نماذج مغايرة يتقدم عبرها صورة الشرق الاوسط الجديد ...