لا شيء يحدث كما تريد. بُنيت الحياة على الشقاء والألم. والأصل في الحياة اللهاث والتذمر.. وكل الصور التي تأتينا من غزّة وتذهب إلى وجداننا وتفعل به الأفاعيل؛ لن تتركنا بلا تغيير.. في الأسبوعين ونصف من "طوفان الأقصى" ونحن نفرح مرّة وننتشي لخبر مقاومة وأن هناك من يثخن في الأعداء وبذات الوقت نبكي مرّة لصور القصف والجثث والعائلات التي يتمّ مسحها عن بكرة أبيها..!
نحن الآن واقفون ويأتيك من يبوسك ويمسّد على شعراتك و وبنفس الدقيقة يأتيك من يصفعك ويركلك.. وعلى مدار الساعة أنت تعيش البوس والصفع .. حالة جديدة علينا..!
نلاحق المحلّلين الذين نريدهم أن يشبعونا طمأنينةً وأماني ووعودًا بالنصر المحتّم.. نريدهم أن يقولوا لنا بلا مواربة: النصر الواضح لنا هذه المرّة ولو اجتمعت الإنس والجنّ على غزّة..! هذه المرّة غير شكل يا جماعة.. هذه المرّة فلسطين عادت إلى الوجدان.. أولادي وأولادكم يتابعون بشغف بل ويبعثون لنا بمقاطع لم يسعفنا الوقت لرؤيتها.. أولادنا تسكنهم فلسطين الآن وهذا انجاز كبير بعد أن خشينا على فلسطين من الضياع من الوجدان.. أولادنا الآن يمطروننا بالأسئلة الصعبة بل أن كثيرًا منها محرجة ولا نملك لها أجوبةً حاسمة..!
علّموا أولادكم أن الحياة شقاء.. وأن الدماء التي يرونها هي ثمن طبيعي لانتصار أمّة قادم سواء غدًا أو بعد عدد من السنين ولكنه ثمن محتوم.. علّموهم أن الانتصار ليس كيكة عيد ميلاد بل هو دم كثير وحكايات مليئة بالنشيج وبعدها نرفع رؤوسنا ويكتبون هم التاريخ الذي عجزنا نحن عن كتابته ليقرأوه .
قولوا لهم: إن التناقض الذي ترونه الآن لم يكن سابقًا.. كنّا نُلطم ونُركل ونُبطح .. أمّا الآن فإننا نُلطم ونَلطم ونُركل ونَركل ونُبطح ونَبطح..! قولوا لهم: إن الأعداء يموتون بكثرة كما نموت؛ بعد سنين كثيرة من الموت وحدنا..!