أن تسمع عن الجريمة أو تقرأ عنها ليس كما تراها أمامك وهي تُرتكب.. والمجرم يتقدّم نحو الضحيّة ويفعل بها كل شنيع.. لذا يحرص كل المخرجين في المسلسلات والأفلام على تصوير تفاصيل الجرائم في القصص التي يخرجونها لأنهم يعتبرونها عنصرًا من عناصر النجاح والجذب..
في حالة غزّة.. ليست جريمة واحدة.. بل جرائم بلا حدود.. في اليوم الواحد تتنافس كل جريمة مع أختها السابقة لتكون أكبر وأعظم و أجذب منها..! في غزّة يحرص المؤلِّف والمخرج والمنتج على استلابك من أوّل انطلاق الحمم البركانية الجبانة مرورًا بهبوطها على المساكن حتى تتحوّل إلى ركام وأثرٍ بعد عين وصولًا إلى الجثث التي لفظت أنفاسها الأخيرة الآن وهناك من تُشهدنا على النفس الأخير لتبصق في وعينا الباكي ومشاهدتنا العاجزة عن الإغماض أو الابتعاد..!
في غزّة وحدها.. يقوم المؤلف بتواطؤ مع المخرج والمنتج بجعل المجرم الواضح الذي لا تكفيه كلّ دماء أطفال فلسطين ونسائها؛ مدافعًا عن نفسه في مشاهد كاذبة لم نرَ فيها أي هجوم عليه من نساء فلسطين وأطفالها..!
في فلسطين عامة وغزّة خاصة لا يرى الرئيس الأمريكي بعينيه الستة على ستة الموت هناك؛ بينما ترى عيناه دموع نيتنياهو الكاذبة فيصدقها أو يطلب منه المؤلف والمخرج والمنتج أن يصدّقها..!
أمّا ماكرون؛ وريث الإخاء والحرية و المساواة.. وأركّز هنا على المساواة فقط.. فلا يساوي دمنا بدم أحد.. بل يكذب منافق السياسة الأكبر ويكذب ويكذب وهو يعلم أنه يكذب ويضرب كلّ أخلاق فرنسا التي تظهر حينًا وتختفي حينًا حسب مزاج الحكّة لديها..!
أمّا بريطانيا.. فلا يقترب منها أي مؤلف أو مخرج أو منتج.. لأنها أُس البلاء.. وهي صانعة الحدث منذ البداية. كيف لسياستها التي سلّمت فلسطين كلّها في وعد بلفورها الذي تحين ذكراه إلى دولةٍ لقيطةٍ لن يكتب لها البقاء ولو مات دونها نصف المليار عربي الذين يشاهدون دماء الفلسطينية وهم لا يملكون الآن إلّا الدموع واللطم والولولة.!
سيستمر المسلسل.. وسيظل إلى الآن يستمتع المؤلف والمخرج والمنتج بما يفعلون.. ولكنهم يتعامون على أن الحياة لها دورتها ولها جدليتها وأن الحلقة الأخيرة لن تكون من تأليفهم ولا بروزتهم ولا تمويلهم.. ستكون حلقة يقف فيها العالم أجمع على ركبة واحدة وهو يصرخ: أشهدُ أنّ فلسطين عادت لكم ولا فلسطين إلّا فلسطين.