تصريحات عديدة من مسؤولين في البيت الأبيض أو الخارجية الأميركية يعلنون فيها رفض التهجير القسري لفلسطينيي غزة إلى مصر، والشكل الخارجي للتصريح يظهر الموقف الأميركي وكأنه يرفض تهجير أهل غزة إلى مصر ويقف في وجه المشروع الصهيوني للتهجير، لكن جوهر الموقف الأميركي مخالف لهذا فهم يرفضون التهجير القسري لكنهم مؤيدون لما تفعله إسرائيل من تهجير داخل غزة من الشمال إلى الجنوب وحصار وتجويع ومنع متطلبات الحياة عن أهل غزة، وإفشال النظام الصحي بحيث يصبح غير قادر على معالجة الجرحى والمرضى وتحويل جنوب غزة إلى منطقة لا يمكن الحياة فيها ثم يكون الضغط على مصر إنسانيا وسياسيا لفتح المعبر للهجرة الطوعية أي لمن يريد من أهل غزة أن يخرج "مؤقتا” إلى مصر وربما بعدها يتم فتح باب الهجرة إلى دول أوروبية أو كندا.
أميركا تريد الهجرة الطوعية لأنها تعلم أن فتح معبر رفح أمام سكان غزة للهروب من الموت والقصف والمرض وغياب الماء والغذاء سيعني خروج أعداد منهم إلى مصر، وبعدها لن تقول أميركا ولا إسرائيل إنها هجرت الفلسطينيين قسريا، بل ستقول إنها هجرة طوعية.
أميركا تريد إنجاز حل للملف الفلسطيني لكن بالمواصفات الإسرائيلية، ولهذا تريد إعطاء اسرائيل التفويض والدعم الشامل لوضع البنية التحتية لهذا الحل عبر عمل عسكري في غزة وربما بعد ذلك في الضفة، وما زال الخلاف قائما حول دور السلطة الفلسطينية وهل هي مؤهلة لحكم الضفة والاستمرار أو إدارة غزة، وهناك متحمسون للسلطة في أميركا وإسرائيل وهناك من يرونها كيانا غير قادر وفقد شرعيته عند الفلسطينيين.
أميركا لن تتوقف عن الحديث عن حل الدولتين وربما حكومة ما بعد نتنياهو ستتحدث عن حل الدولتين لكن شكل ومواصفات دولة الفلسطينيين ستكون مختلفة تماما عن دولة الإسرائيليين، وسيبقى الحل النموذجي والمثالي من وجهة نظر الاحتلال أن تعود الضفة لحكم الأردن وتكون دولة الفلسطينيين مهما كان اسمها وأن تعود غزة لحكم مصر.