هي :الطفلة البريئة ، صاحبة القلب الطاهر،الحنون ملكة الطيبة ، والإنسانية الجميع متفق على انها الملائكيه جميع الذي يراها يحبها يرحمها يشعر بطفولتها رغم كبر سنها ، لم تجرح أحد ، لم تظلم أحدا ، لم تغتاب احد ، لم تتكبر على احد ، عاشت مسالمة راضيه ومقتنعه بما هي عليه ، كان حضورها هدواء وان غابت، الجميع يفقدها تحب الجلوس بمفردها رغم حبها للتجمعات ، ترضى بالقليل وتراه بعينها كثير، اكبر طموحها هي ضحكه ، في حكايتي مع الزمان ، هناك زاوية كانت هي تعيش فيها بمفردها ،لا احد يستطيع ان يجتاز الحدود ،هي فقط من يتسنى لها البقاء كما تشاء ، في حكايتي مع الزمان هناك تسلسل في كل حكايه هناك تفاصيل ، لكن حكايتي مع جميلة الجميلات تختلف في البوح ، وتختلف في التعبير، والقدرة على ترجمة ذاك الشعور الذي بكل مره يعصيني، ولكني تحديته بكل ما أتُيت من قوة لنبدأ تسلسل الحكاية معا.
لا نشعر بقيمة الأشياء إلا حين نوشك على فقدانها ، جميلتي كانت بسيطه تحب دوماً البقاء بذالك الركن الهادئ، بعيداً عن مشاكل الحياة تقلبات المزاج ، ثرثرة الاشخاص ، فضول المتطفلين ، كانت كـ الزهره التي تتميز بجمالها عن باقي الزهور، وتفوح منها رائحة الرضى ، والقناعه في تجمعاتنا نادراً ما تلتقط لها صورة ، فقط تجمعنا بها المواقف ، وكانها تخبرنا بأن الذكرى لا نحتفظ بها بالصور، ولكن تخلد في الذاكرة للأبد .
تلك الجميلة جسدها ابتلاه الله بالسرطان ، لتنعم بعظمة الأجر، ورفع الدراجات ، وابتلانا الله لكي يختبر صبرنا ، والرضا بما كتب لنا ، في رحلة العلاج كنى معا قلب وقالباً ، لم تعد تلك الزاوية تكفي فقداستوطنت كل حياتي ، في جميع الزوايا هناك مر،ولكن هي السكر الذي يحلي حياتي ، بها اصبحت كـ الظل يرافقني أينما ذهبت :
في كل ذرة رمل هناك خطواتنا
في كل رصيف هناك ضحكاتنا
في كل سور هناك زرعنا آمالنا
في الحزن ، والفرح معاً
رحلة العلاج جعلتنا أكثر تقرب
جعلتنا أكثر تعلق ببعضنا
الصور التي لم تلتقطها بالماضي ، أصبحت اليوم ألبوم صور يحكي كل الحكايه بأدق التفاصيل .
ليس وحده المريض الذي يعاني ، و يتألم فـ نحن نتألم ونتذمر لهؤلاء الأشخاص الذين نحبهم ، ونخاف أن نفقدهم فـ رحلة العلاج تتعبنا أكثر من تعب المريض ، تتعبنا نفسياً ننساق خلف التفكير بأن نفقدهم في لحظة ، نتألم مثلهم من نوبات الوجع المستمرة ، لا نستطيع أن نفعل شيئا لكي يزول الوجع غير حبة ترامادول تهدي قليلاً.
فـ كان ذلك التفكير مرعب للغايه ،لا انكر بانني انجرفت قليلاً خلفه ، ولكن سرعان ما أيقظني صوت الحق ، وأن اؤمن بالله ، وأن ترضى نفسي بالقدر خيره وشره.
جميلتي كانت أقوى مما كنت أظن ، رحلة العلاج تحملتها بصبر المؤمن ، والثقة بأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها :
أصبحت جاهزة بأن تدخل العمليات ؤ ويتم الاستئصال وتمت العملية بسلام رغم الساعات الطويلة .
كل شي كان على ما يرام ، جميع الاشعات سليمة من أي سرطان ، فرحنا بأن الله استجاب كل دعوه ، وان الحياة تبدأ من جديد، وسرعان ما انتهت الفرحة ، لتبدأ الرحلة مجدداً مع الكيماوي ، ولكنه كان خبث السرطان اقوى منه ، عانت كثيراً جميلتي تحملت فوق طاقتها الممكنة ، ذاك الأنين الذي كان يعتصر قلبي ألم كلما سمعته ، وذاك الوجه الشاحب ، والجسم المنهك ، وذاك الشغف ، وحب الحياة الذي بهت ، يجعلني اقف عاجزه ، لا استطيع ان افعل شيء سوى انني خفف ألمها بشتى الطرق .
لا انسى تلك الليلة التي تعصف بي وجع ، وتمطر على رأسى هموم ، وصوت الرعد الذي يهز قلبي كلما تألمت ، ليله كنت اخبر نفسي بانها كـ كل الليالي التي تمر، وتنتهي وبأن كل شيء سوف يصبح على ما يرام، كانت ليله صعبه مخيفة ، استقر مناخها بساعات الفجر بعد ما تعاطت جميع المسكنات ، ورتاحت من نوبات الوجع .
بتلك اللحظه رأيت جميلتي متعبه ، تنظر لي بنظرات لم تسبق ان نظرت لي هكذا!
لـ ابتسم لها وأخبرها أن كل شيء سيصبح على ما يرام ، واخبرها بأن تقر عين وتنام.