عدم اهتمام الدول العربية والإسلامية والسكوت عن ما يحدث على مراء ومسمع جميع دول العالم في غزة يعتبر عجز كامل لاتخاذ قرار لصالح أهلينا في فلسطين المحتلة .
تأتى عدم المساندة من الحكومات العربية ولكن الدول الغربية بها مظاهرات ومساندات من الشعوب الرافضة لما يحدث في غزة من إبادة وضرب وسحل والمطالبة بوقف كل ما يحدث بفلسطين.
كما تأنى بعض الدول رعاة الأغنام تساند إسرائيل في حربها على غزة وذلك يكون بيع وتخلى واضح للقضية الفلسطينية التي تحملها مصر على عاتقها منذ بدايتها عام 48 حتى وقتنا هذا ورغم تبدل الرؤساء .
وان التصعيد الأسرائيلى الذي تحول إلى حرب من جانب إسرائيل على قطاع غزة والتي امتدت إلى أكثر من 35 يومًا لا يخرج عن كونه حلقة من حلقات المواجهة الصراعية الممتدة بين الإسرائيليين المحتلين والفلسطينيين أصحاب الأرض حول من تكون له السيطرة، ومن تكون له الحقوق على المساحة الأكبر من أرض فلسطين المحتلة.
وسط هذه التحولات جاء في وقن سابق اعتراف الرئيس الأمريكي السابق رونالد ترامب بالقدس الموحدة (الشرقية والغربية) عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، ثم قيامه بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ثم طرحه لمشروعه للسلام الذي حمل اسم "صفقة القرن” الذي أعطى لإسرائيل الحق في التوسع الاستيطاني وضم المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل، كما اعترف بشرعية فرض السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967، الأمر الذي توافق مع سيطرة التيارات اليمينية المتطرفة والفاشية على مقاليد السلطة في إسرائيل على حساب تيارات الوسط واليسار، مما دفع بالحكومة الإسرائيلية إلى محاولة فرض أمر واقع جديد على الإدارة الأمريكية للرئيس "جو بايدن” بالتحرك عن تنفيذ أهم ما تضمنته "صفقة القرن” للرئيس رونالد ترامب بالتوسع في تفريغ القدس من مواطنيها العرب تمهيدًا لتهويدها بالكامل، مع العمل على بدء السيطرة على المسجد الأقصى باعتباره "منشأة دينية” مقامة في قلب العاصمة الإسرائيلية يحق لها أن تفرض سيطرتها عليه كما تشاء.
سوف يتبادل الجميع توجيه أصابع الاتهام. لقد استمرت المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في التوسع، فتأسس بذلك نظام فصل عنصري بحكم الأمر الواقع في الضفة الغربية، وفقدت السلطة الفلسطينية مصداقيتها بالكامل. وأصبح الفلسطينيون الأكثر شبابا يتطلعون بيأس إلى مستقبلهم، واستنتج بعضهم أن العنف هو الحل الوحيد. لا شك أن الاتفاقيات الإبراهيمية الأخيرة، والتي مهدت الطريق لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، كانت تطورا إيجابيا. لكن من الخطأ أن نعتقد أن القضية الفلسطينية يمكن تنحيتها جانبا. كان من المحتم أن تعود إل الظهور إن عاجلا أو آجلا، والآن عادت بالفعل مع الهجوم الإرهابي المروع الذي شنته حماس.
استطاعت القيادة الإسرائيلية توظيف دخول فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى رأسها حركة "حماس” كمبرر لشن حرب موسعة تتحول إلى غزو بري للتخلص نهائيًا من تلك الفصائل، لكنها صدمت بحقائق فلسطينية جديدة.
أول هذه الحقائق أن المقاومة استطاعت أن تصل بصواريخها لأول مرة إلى القدس وإلى تل أبيب، وأكدت أنها باتت قادرة على ضرب أي موقع داخل دولة الاحتلال.
هذا التطور الذي أذهل العسكريين قبل القيادة السياسية في إسرائيل ضرب نظرية الأمن الإسرائيلي فى عمقها؛ لأنه أسقط أحد أهم ركائزها الثلاث، وهي أن أى حرب تخوضها إسرائيل "يجب أن تحدث خارج الأراضي الإسرائيلية”، هذه المرة، هى الأولى التى تدار فيها حرب على أرض إسرائيل، وبهذا التطور سقطت الركيزتان الأخريان، وهما ألا تدفع الجبهة الداخلية الإسرائيلية ثمن أي حرب لوعي الإسرائيليين بمدى "هشاشة” هذه الجبهة وقابليتها للانفراط، وأن تكون أى حرب تخوضها إسرائيل حربًا سريعة، هذه المرة فوجئت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأنها مدعوة لدفع أثمان أخطاء قيادتها السياسية، كما فوجئت تلك القيادة بأنها ليست هى من يحدد متى تتوقف الحرب ، نظرًا لأن الطرف الآخر قادر على مواصلتها وتصعيدها.
أما الحقيقة الثانية، أن الشعب الفلسطينى داخل الأراضى المحتلة عام 1948 أي داخل إسرائيل ضرب عرض الحائط بكل القوانين التى تقيد حريته وتسلبه مواطنته الفلسطينية، وقرر كسر حواجز الجغرافيا السياسية التى تعزله عن باقي شعبه فى القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ففجر انتفاضاته داخل أهم المدن الفلسطينية فى إسرائيل سواء فى اللد أو فى الرملة أو فى يافا أو أم الفحم لدرجة أن بعضها قرر أن يحرر مدنه من دنس اليهود، كما توجه الآلاف منهم نحو المسجد الأقصى للدفاع عنه، وزادوا على ذلك بالتظاهر دعمًا للمقاومة فى غزة.
مثل هذا التطور يعد تحديًا خطيرًا للأمن الإسرائيلي ولمنظومة الدولة الإسرائيلية وقبلها لمشروعات التسوية التى عزلت الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل عن باقي الشعب الفلسطيني، سواء في الوطن المحتل أم في شتات اللجوء.
وجاءت الحقيقة الثالثة التى تتمثل فى اندفاع مواطني الضفة الغربية للدفاع عن الأقصى وللدفاع عن غزة ضد العدوان الإسرائيلى، ما يعنى توجيه ضربة قوية لسياسة التنسيق الأمنى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية وفقًا لاتفاقية "سلام أوسلو”، الأمر الذي يشكل خروجًا شعبيًا على هذه الاتفاقية ويعد تطورًا مهمًا بالنسبة لحسابات مستقبل ما بعد انتهاء الحرب.
توحد الشعب الفلسطينى فى الضفة والقطاع وفي القدس المحتلة، ونجاح المقاومة في ضرب العمق الإسرائيلي خلقت حقائق جديدة حفزت العالم كله كى يؤيد مجددًا حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وأن يسعى لتحرير أرضه المحتلة مثل أي شعب ، على نحو ما أكد نورمان فينكلشتاين الأكاديمي اليهودي المقيم فى الولايات المتحدة بأن إسرائيل "لا ترتكب جرائم حرب فقط، بل ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وتعتبر وفقًا للقانون الدولي الأفظع والأكثر إثارة للاشمئزاز”، وحمّل إسرائيل مسؤولية بدء هذه الحرب، وأكد أن الأحداث الأخيرة فى القدس الشرقية وغزة هى مبادرة إسرائيلية منهجية ومخططة وطويلة الأمد، وأن سرقة إسرائيل للأراضي الفلسطينية تعود إلى سنوات ما قبل تأسيس الدولة الإسرائيلية.
التفاعل الأمريكي والدولي والإقليمي والعربي مع الشعب الفلسطيني من شأنه أن يفرض ضرورة فرض معادلات جديدة بديلة لحل الصراع بدلًا من إطار أوسلو الذي عطلّته إسرائيل بعد أن أخذت منه كل شئ تريده دون أن تعطي للفلسطينيين أدنى حقوق منصوص عليها فى هذا الاتفاق، وبدلًا من الاتفاقيات العبثية السابقة التى أمهلت إسرائيل الوقت الكافي للاستيطان والضم للجزء الأكبر من الأراضي الفلسطينية، وبدلًا من المفاوضات العبثية السابقة، فالواقع الجديد، فى حال توحد الفلسطينيين لن يسمح مجددًا بالعودة إلى الوراء بالقضية الفلسطينية التى أكدت أحداثها الأخيرة أنها ستظل عصب الأمن والسلام فى الشرق الأوسط، وأنه لابد من وضع مسارات جديدة لسلام يحقق العدل، وأن يعيد الدولة الإسرائيلية إلى الشرعية الدولية، ويفرض عليها التعامل مع الضفة الغربية والقدس الشرقية كأرض فلسطينية محتلة يجب تمكينها من الحصول على الحرية والاستقلال، وليس التعامل معها باعتبارها ملكية خالصة للشعب اليهودي والدولة اليهودية كما يزعمون، وهذه هي تحديات الحرب الدائرة في غزة.
إنّ عزل قطاع غزّة عن العالم – وضمن ذلك عزلها عن الضفّة الغربية – جزء من سياسة تتّبعها إسرائيل منذ سنين طويلة. ابتدأ تطبيق هذه السياسة منذ تسعينات القرن الماضي عندما فرضت إسرائيل الحصار على جميع الأراضي المحتلّة وفرضت على كلّ فلسطيني يسكن هناك – سوى سكّان المناطق التي ضمّتها إلى حدودها – تقديم طلب شخصيّ للحصول على تصريح دخول شخصيّ إذا أراد دخول إسرائيل، حتّى إذا كان ذلك عبورًا في أراضيها بغرض الوصول من غزّة إلى الضفة أو العكس أو بغرض السفر إلى الخارج.
حاليا أصبح مستوى الخدمات الصحّية في قطاع غزّة أبعد ما يكون عن تلبية احتياجات السكّان وعلاجات طبّية كثيرة لا تتوفّر هناك. تمنع إسرائيل الأطبّاء من السفر للمشاركة في دورات استكمال طبّية ومتابعة المستجدّات العالميّة في مجال عملهم. علاوة على ذلك فإنّ إدخال الأجهزة الطبية الجديدة أو قطع الغيار لإصلاح الأجهزة الموجودة كلاهما رهن بموافقة إسرائيل، وأحيانًا كثيرة تصدر هذه موافقتها بعد تأخير كبير وفي أحيان أخرى لا توافق أصلاً.
يضطر المرضى الذين يحتاجون علاجًا غير متوفر في قطاع غزة إلى طلب تصاريح من إسرائيل للسماح لهم بالوصول إلى مستشفيات الضفة الغربية بما في ذلك شرقيّ القدس. تصدر إسرائيل تصاريح بالقطّارة وفقط في حالات تعتبرها "تهدد الحياة” – وهي بعيدة كل البعد عن تلبية حاجات المرضى.
هل ياتى يوم وتنتفض وتتحد الدول العربية للمدافعة عن فلسطين والمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين ام يظلوا فى نومهم وثباتهم وتنتهى القضية الفلسطينة مسيرالايام تثبت .