كان مستشفى رفيديا العسكري في نابلس هو أول مستشفى عسكري تقيمه القوات المسلحة الاردنية في الضفة الغربية بعد وحدة الضفتين ، والتاريخ لا يتحدث حين يكون اللسان اردنيا الا بقصص الإخاء والنخوة تجاه اهلنا في كل فلسطين ، ولا انقطاع لهذا الامر الذي اصبح ديدنا اردنيا .
وتتطور وتتغير الاحداث في منطقتنا ، ويكون الصراع قاسيا بسبب السياسة غير الراشدة حينا ومواجهة أطماع الشر حينا آخر ،
ووصلنا الى درجة متقدمة في صراع لا اعتقد انه سيشهد تراجعا بل اكثر قسوة حتى يشاء الله ما يشاء .
وفي خضم هذا الصراع وأتون الحرب المستعرة لا يتردد الاردن بقيادته الا ان يقدم ما يمكن من منطلق انسانيته ومبادئه التي لا تحيد عن نصرة العرب في كل مكان .
في حرب حزيران 67 قاتل الجيش العربي الاردني ، وقدم تضحيات نفيسة دخلت في سجل التاريخ العسكري ، وكان الجنود الاردنيون يضعون نصب أعينهم القدس وفلسطين قبل أولادهم وأهلهم، ويستبسلون في الدفاع عن اية منطقة ، مثلما جرى في معركة وادي التفاح في غرب وسط مدينة نابلس، وقاتلت الدروع الاردنية في محيط المدينة وكانوا يقاتلون ويستشهدون ، وفي ثغر الوادي غربا كان الصمود في وجه مدرعات العدو، والقتال والاستشهاد لا يعرف حساب الخسارة بل يشعر بقيمة التضحيات وعشق الهدف وترجمة معنى وقيم الجندية الاردنية ،
صمد الشهيد صالح عبدالله الشويعر في الوادي بدبابته يوقف تقدم العدو الذي فتح اربعة جبهات ضد دبابة واحدة ، تقدم من جهة الغرب بدباباته ، وقصف متلاحق من مدفعيته وتقدم التفافي من جهة الشرق والجبهة الرابعة من الجو بقصف شديد على دبابة واحدة ، فكانت الشهادة للاربعة البواسل :
الشهيد المقدم الركن صالح عبدالله الشويعر
الشهيد الملازم الاول سليمان عطية الشخانبة
الشهيد الرقيب الاول صياح فياض عواد الفقرا
الشهيد الجندي الاول راشد موسى نمر العظامات
وأصر أهل نابلس إلا أن يقيموا صرحا تذكاريا في مكان استشهادهم ، وليكون مزارا للجميع ومدرسة في الانتماء والبطولة والأخوة ، ويحتفلون في كل ذكرى لحرب 67 في ذات المكان بمشاركة المجتمع المحلي يحيون البطولة وعنوان الفخار والشهادة ، وطاب لاهل نابلس أن يسموا الشهيد صالح الشويعر بـ "ابو علي " .
ستبقى الأيام تمضي ، والتي نداولها بين الناس ، الى أن وصلنا الى أسوأ وضع للعرب في تاريخهم ، حرب ابادة شعواء ، وكان للاردن بقيادته الهاشمية وبجيشه الباسل اليد الطولى في تقديم كل ما يمكن وان يمنع تبعات هذه الحرب الشرسة ، وان يخدم عروبته من خلال انسانيته ،
خدمنا فلسطين بالدم والنار ، ويرقد الشهيد صالح الشويعر في وادي التفاح في نابلس ، وكل السفوح التي تحتض المدينة فيها كوكبة من الشهداء وليس بعيدا مخيم بيت الما الذي في مدخله شهيدين اردنيين يرعاهما ابناء المخيم ، وليست بعيدة بيت ايبا وفيها شهيد اردني كان يرعاه رجل توفي وأوصى ابنه أن يواصل رعاية ضريح الشهيد ،
وكأننا نرى هؤلاء الشهداء يتقدمهم صالح الشويعر يخرجون ويصطفون مرحبين برفاقهم من جيش الاردن ، يأتون لمواصلة تنفيذ الرسالة الاردنية في محبة الخدمة الوطنية والانتصار للأهل ،
قرأنا في التاريخ من قال حين دخل محتلا لبلد ما أن خاطب زعيم وطني أو عسكري " ها نحن قد عدنا " ، ولكن هنا خطاب أردني آخر ، يدخل الجند الاردنيين ضيوفا ليقولوا لصالح الشويعر ورفاقه الشهداء "ها نحن هنا في نابلس نستلهم من عبق شهادتكم حافزا لأن نخدم أهلنا في نابلس ومن بطولتكم روح العمل والاخلاص "